(فصل): [في التعبد بالإجتهاد في حياة النبي ÷]
  تعين عليه العلم بالرجوع إليه ÷ لما جاز له العدول إلى الاجتهاد، ولو سلم أن لا دليل على الخيرة في حقهم فالرجوع من الغائب متعذر.
  احتج المجيزون له وقت تضيق الحادثة: بأن الرجوع إلى الظني في تلك الساعة يحسن لخشية قرب الحادثة؛ لأنه لو انتظر فيها العلم مع الغيبة لفاتت الحادثة لم يحصل فيها وصية بخلاف ما إذا لم تتضيق الحادثة فإنه يكون ما سبق من أنهم قادرون على العلم إلى آخره، والجواب ما قدمناه.
  احتج المجيزون له للولاية: بأن فيه حفظاً لمنصبهم من استنقاص الرعية لهم لو لم يجر لهم بخلاف غيرهم، فإنه لا يلحقهم نقص، وهذا مع الأذن خاصَّة كما كان من معاذ وأبي موسى فإنهما خرجا واليين مأذوناً لهما في الاجتهاد، وأمَّا لو لم يأذن لهم بالاجتهاد فالاجتهاد قبيح لما سبق، وقد سبق تقريراً وجواباه.
  والمقام الثاني: في حق الحاضر، وقد بينه بقوله: (واختلف في الحاضر) عند النبي ÷ هل يجوز له الاجتهاد أو لا؟:
  (فعند الجمهور) من العلماء كالقاضي في قول، ومحمد بن الحسن، وأبي رشيد، وابن الحاجب وغيرهم (أنه جائز عقلاً واقع شرعاً، وعند الشيخين) أبي علي وولده (ممتنع عقلاً وسمعاً وتوقف قوم، والمختار جوازه) أي الاجتهاد (إن أذن له) أي للحاضر صريحاً قيل: أو غير صريح بأن يسكت عمن سأل عنه أو وقع منه، (وإلا) يؤذن له (فلا) يجوز.
  لنا: أنه مع الأذن بالاجتهاد والعمل المجتهد أمن من الخطأ كأن يقال: أنت مأمور بالاجتهاد أو نحو ذلك؛ لأنه حينئذ يكون إثباتاً لما أمر به، بخلاف ما إذا لم يؤذن له فيه فإنه سلوك إلى الظن مع إمكان العمل، وارتباك في خطر الخطأ، وذلك قبيح من غير ضرورة تدعي إليه كالغيبة عنه ÷.
  وقد يقال: الأذن في الاجتهاد لا يؤمن الخطأ، وأيضاً لو لم يجز مع الأذن لم يقع، وقد وقع بما صح في الخبر من أنه ÷ حكم سعد بن معاذ في بني قريضة فحكم بقتلهم وسبي ذرياتهم، فقال ÷: «لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة» والرقيع السماء.
  قالوا: لو لم يجز مطلقاً لم يقع، وقد وقع لقول أبي بكر: لا ها الله إذن - والصواب ذا - لا تعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه، قاله في أبي قتادة، وقد قيل: