تنبيه
  وأمَّا وجه حسنه: فهو أنه قد يعرف به غرض صحيح، ولو قبح لم يقبح إلاَّ لكونه عبثاً لا غرض فيه، فإذا حصَّل فيه غرضٌ زال وجه القبح فحسن.
  مثال ذلك: ما عرفناه في الغائط أنهم لما استسمجوا النطق الموضوع في الأصل نقلوا إليه اللفظ الموضوع على المكان الذي يوضع فيه وهو الغائط، وهو اسم المكان المنخفض عدولاً عن المستسمج، وغير ذلك من الإعراض وإن جهلنا الوجه في بعض الألفاظ لم يقطع بأنه لا غرض فيه.
  (و) الثالث: (شرعية) قال الرازي في حقيقتها: هي اللفظة التي استفيد من الشرع وضعها للمعنى، سواء كان اللفظ والمعنى مجهولين عند أهل اللغة كأوائل السور عند من يجعلها اسماً.
  أو كانا معلومين لكنهم لم يصغوا ذلك الاسم لذلك المعنى كلفظة الرحمن، فإن كلاً منهما كان معلوماً ولم يضعوا اللفظ له تعالى، ولذلك قالوا حين نزل قوله تعالى {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ}[الاسراء: ١١٠]، أنا لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة.
  أو كان أحدهما مجهولاً والآخر معلوماً (كالصلاة) المنقولة من الدعاء، (للعبادة) ذات الأذكار والأركان.
  ووجه حسن النقل الشرعي: هو ما ذكره أبو الحسين من أنه لا يمتنع أن يكون فيه مصلحة للمكلفين، كما في غيره من المصالح الشرعيَّة؛ ولأن الشريعة جاءت بأحكامٍ لم تكن معروفة من قبل، فاحتيج إلى تمييزها بأسماء تخصها، وكما يحسن أن يوضع لها أسماء يعرف بها مرتجلة يحس أن ينقل إليها بعض الأسماء اللغوية إذا نفى ما يختلف، كالصلاة للدعاء فإنها وإن نقلت فالدعاء يخالفها.
  (و) تنقسم أيضاً (إلى) قسمين:
  (مفردة: وهي ما تفيد) بحسب الوضع (معنى واحداً) كالإنسان.
  (ومشتركة: وهي ما تفيد أكثر منه) كقرء وعين.
  (و) تنقسم أيضاً باعتبارٍ آخر إلى (مشروطة، كالبلق) فإنه حقيقة لاجتماع السواد والبياض إذا حصل في الجبل فقط، وإذا اجتمعا في غير الجبل لم يسم اجتماعهما بلقاً، فإن كان في البقر سمي نقعاً، أو في الغنم سمي ملحاً، وقد يطلق الأبلق على ما فيه ذلك من السحاب، قال عريف القوافي:
  لاح سحابٌ فرأينا برقه ... ثم تلانا فسمعنا صوته
  وراحت الريح ترجي بلقه