(فصل): في بيان هل كل مجتهد مصيب أو لا؟، وعلى الأول هل في المسألة أشبه أو لا؟.
  # (في رواية) رواها صاحب البيان، وروى عنه السيد الهادي في هداية الراغبين القول بالتصويب، (و) قول (أبي العباس وقديم قولي المؤيد بالله) وقوله الأخير بالتصويب.
  (ثم) القائلون بأنَّ لله في الحادثة حكماً معيناً (اختلفوا) هل عليه دليل أو لا؟ وهل الدليل قطعي أو لا؟:
  (فعند الأصم والمريسي وابن علية ونفاة القياس: أنَّ عليه دليلاً قاطعاً) قال في العقد فالمأخوذ على المجتهد عند هؤلاء في الاجتهاد طلب دليل قاطع، (و) بعد القول بأن عليه دليلاً قاطعاً (اختلفوا في مخالفه فقيل: معذور) لخفاء الدليل وغموضه.
  قال الأسنوي: وهو مذهب جمهورهم فلا يأثم ولا ينقض قضاءه.
  (وقيل: مأزور)، ولذلك قال (الأصم: وينقض حكمه لمخالفته) ولم يقتصر كغيره على أنَّ المخطئ يأثم، وإنما قال الأصم ومن معه بتأثيمه لمخالفة القاطع، كما ذهب إلى تخطئة المخطئ في أصول الدين.
  وقال (بعض الفقهاء و) بعض (الأصوليين) كالرازي والبيضاوي، وقالوا: إنه الصحيح عن الشافعي: بل حكم الله متعين قبل الإجتهاد، وعليه دليل، ولكنه ظني، ومخالفه معذور مأجور، (مخطئ) غير آثم فالخطأ عند هؤلاء مجازي، قال الإمام وخطؤه (بالإضافة إلى ما طلب، لا بالإضافة إلى ما وجب) فهو مصيب فيه فالمخالف كالمخطئ للكافر عند رميه بوصف بالإضافة لمراد الله منه، وهو إبلاغ الجهد في رميه، والخطأ في رميه بمعنى عدم الإصابة لا فعل الخطأ، وذلك محمل حسن، وينبغي أن يصار إليه ولا يعول إلا عليه.
  وقال (بعض المتكلمين و) بعض (الفقهاء: لا دليل عليه لا قطعي ولا ظني، وإنما هو كدفين يصاب) أي يعثر عليه على سبيل الاتفاق، (فلمصيبه أجران) أجر اجتهاده وأجر إصابته، (ولمخطئه أجر) أجر اجتهاده فقط.
  (وقيل: لا حكم فيها لله تعالى معين قبل الاجتهاد، بل كلها حق) وهذا هو ما اختاره المؤلف، وهو ظاهر قول مالك، وأصحاب أبي حنيفة، والمعتزلة البصريين، قال القاضي أبو الطيب: وهم أصل هذه البدعة، وبه قال الأشعري، قال الشيرازي: ويقال: إن هذه بقية اعتزال بقيت في أبي الحسن.
  قال شارح الجمع وشارح المنهاج، وقد استشكل مذهب الأشعري لأن الحكم قديم عنده، فكيف يذهب إلى أنَّ المسألة الاجتهادية لا يكون فيها قبل الاجتهاد حكم.
  وقد أجيب عنه: بأن مراده أنه لم يتعلق الحكم بالمسألة قبل الاجتهاد.