الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الرابع عشر باب الاجتهاد والتقليد وصفه المفتي والمستفتي

صفحة 527 - الجزء 2

  (ثُمَّ) إن القائلين بأن كل مجتهد مصيب، وأن لا حكم لله تعالى معين في الحادثة (اختلفوا) هل ثم أشبه أو لا؟:

  (فعند متأخري أئمتنا) كالمهدي أبي عبد الله، والمؤيد بالله، وأبي طالب، والمنصور بالله، (والجمهور) من العلماء، منهم أبو الهذيل، وأبو هاشم، والقاضي، وهو أخير قولي أبي علي، والقاضي جعفر، والشيخ الحسن وغيرهم من الجهابذة: (أنه لا أشبه فيها عند الله، وإنما مراده تابع لظن كل مجتهد، وكل منها أشبه بالنظر إلى قائله) لأن كلاً منهم قد أثبت الحكم بما هو أشبه عنده، فالكل عند أصحابنا والحنفية هو الأشبه الذي ينبغي أن يعلق تحريم الربا به، والطعم عند الشافعي على العكس من ذلك، فالشبه والأشبه حق وصواب ولا يفترقان من جهة القرب والبعد، إلا بالإضافة إلى خواطر المجتهدين وأحوالهم، قاله الإمام، وهذا هو الذي اختاره المصنف.

  وقال (بعض الحنفية والشافعية: بل الأشبه منها عند الله هو مراده منها، ولقبَوه الأصوب والصواب، والأشبه عند الله تعالى) لقبه محمد بن الحسن بالصواب عند الله.

  فإن قيل: في القول بالأشبه تصريح بأن الحق في واحد.

  قلنا: هذا الوهم يسبق إلى الفهم في بادي الرأي وليس كما يتوهم، وبيانه: أن من قال في المجتهدات حكماً معيناً لله تعالى فما عداه خطأ لا محالة، ففي ضمن القبول به خطأ ما سواه، ومن لم يقل بذلك فإن أثبت الأشبه ففي إثباته تصويبه وتصويب ما سواه، بخلاف الأول ففي إثباته تخطئة ما سواه.

  قال الإمام: قالوا (وقد يصيبه المجتهد وقد يخطئه، ولذلك قالوا: أصابه اجتهاداً لا حكماً) فلو لم يكن ثُمَّ أشبه لم يقولوا بهذه المقالة:

  (واختلفوا) بعد القول به (في تفسيره):

  (فقيل): الأشبه (ما قويت أمارته، وقيل: الحكم الذي لو نص الشارع لم ينص إلاَّ عليه).

  قال الإمام الحسن: وأنت تعلم أن في ذلك تعريف الحكم بنفسه، وذلك دور.

  (وقيل: الأكثر ثواباً) وقد نبه على ذلك قوله ÷ «من اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد» وهذا دليل في محلّ النزاع.

  (وقيل: لا يفسر إلا بأنه أشبه فقط).