الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الرابع عشر باب الاجتهاد والتقليد وصفه المفتي والمستفتي

صفحة 530 - الجزء 2

  سلمنا: إصابتهما، فمن أين يلزم في كل مجتهد، والحجج على هذا دثرة معترضة، فلا حاجة إلى استقصائها، وعلى أنه لا أشبه أنه لا طريق إليه، فلا ثبوت له، فلا يكون مراد الله واحداً ليس إلا، بل مراده من كل ما أداه إليه اجتهاده بعد توفية النظر حقه.

  القائلون بأن لله في الحادثة حكماً معيناً، قالوا: لا، ولا دليل على التصويب، والأصل عدم التصويب، بناء على أنهم قبل الاجتهاد لم يصيبُوا الحكم، فيستمر عدم الإصابة حتَّى يظهر دليل وجودها، لا بناء على أن الأصل في كل حادث هو العدم، وإلا لعورض بأنَّ التخطئة أيضاً حادث.

  لا يقال: فيجب نفي التصويب عن كل واحدٍ وذلك مما لم يقل به أحد.

  لأنا نقول: دليلنا يقتضي ذلك لولا الإجماع على تصويب واحد غير معين، فإن عدم تصويب كل واحد ينافي ذلك وهذا هو ما صدره ابن الحاجب على غيره من أدلة ذلك الفريق، بناء على أنه منسبك في قالب الإجادة والقوة فهو بالتقديم خليق.

  قلنا: إن الاستدلال بأن لا دليل على التصويب خيال وهو من أضعف طرق الاستدلال، ومسألة تصويب الكل أو تخطئة البعض من معظم مباحث الأصول، ومعارك آراء الفحول، فلا يحسن إثباته بذلك الدليل، ولا ينبغي التعريج عليه والتعويل، ولو سلم فقد عرفت أنه يقتضي نفي الإصابة عن كل أحدٍ وذلك مما لم يقل به أحد، وناهيك بذلك في كونه عاطلاً؛ لأن ما لزم منه الباطل صار باطلاً.

  والاحتجاج بالإجماع على تصويب واحدٍ غير معين غير مستقيم؛ إذ هو نظير الاحتجاج به على ما ذهبَ إليه الشافعي من أنَّ دية اليهودي الثلث، وقد عرفت أنه غير قويم.

  قالوا: ثانياً: المجتهد طالب فله مطلوب فإن إثبات طالب ولا مطلوب له محال، فمن وجد ذلك المطلوب فهو مصيب، ومن أخطأه فهو مخطئ قطعاً.

  قلنا: قولك طالب ولا مطلوب له محال، مسلم، لكنه إنما يتم الدليل لو ثبت أن المطلوب ثابت قبل الطلب، والفرض وجدانه، وهذا محل النزاع، فإن مطلوب كل واحد عندنا حكم يغلب على ظنه من النظر في الأمارات، بحيث يظن أن ذلك الحكم أليق وأنسب بما يعتبره الشارع في الأحكام، وهو من هذا الوجه موجود في الذهن وهذا القدر يكفي في توجه الطلب نحوه.

  قالوا: ثالثاً: روي عن علي وزيد تخطئة ابن عباس في ترك العول، وهو خطأهم، حتَّى قال: من باهلني باهلته، وعن علي كرم الله وجهه أنه قال لعمر - في قصة المرأة التي استحضرها، فألقت ما