الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الرابع عشر باب الاجتهاد والتقليد وصفه المفتي والمستفتي

صفحة 542 - الجزء 2

  وقوله (في بلد شوكته لإمام حق) هي عبارة الأزهار وعبارة الفتح شوكته لمحق، قال في شرحه: من إمامٍ أو محتسبٍ أو ذوي صلاحيَّة أو منصوب خمسة.

  وقال (الشيرازي) يكفي انتصابه للفتيا ... الخ، (أو خبر عدل) بأنه منتصبٌ للفتيا، والناس مستفتون معظمون من غير قدح ممن يعتد به.

  وقال (الحاكم: لا بد مع انتصابه من خبر عدلين فصاعداً) وذكر الغزالي في المستصفى أنه لا بد من تحصيل المعرفة الحقيقية بالتواتر، قال: فإن ذلك ممكن، قال: ويحتمل أن يقال: يكفي غالب الظن بقول عدل أو عدلين، وقد جوز قوم العمل بإجماع نقله العدل الواحد وهذا يقرب من وجهٍ. انتهى.

  (وتردد الباقلاني في الاكتفاء بهما) أي العدلين وعدمه.

  وقال (الجويني: يجب أن يعلم كونه مجتهداً) إمَّا بتواتر أو خبرة.

  وقال (ابن أبي الخير: يجب العلم بكونه من أهل العلم جملة، ويكفي الظن بكونه مجتهداً، ويحرم استفتاء من ليس كذلك) أي من ليس مجتهداً ولا عدلاً، وكل رب قولٍ من هذه الأقوال يحرم عكس قوله.

  نعم، والمستفتي: إما أن يظن علمه وعدالته، أو لا يظن به علمه وعدالته، أو يجهل علمه وعدالته.

  أمَّا من ظن علمه وعدالته: فقد تقدم الكلام فيه.

  وأمَّا من ظن عدم علمه وعدالته: فيحرم استفتاؤه كما تقدم.

  (وكذا) يحرم استفتاء (مجهول الحال) في العلم والعدالة، بل يتحتم على المقلد البحث عن حال من هو كذلك؛ إذ يشترط في المفتي صلاحيته للفتوى، باعتلائه دست العلم والعدالة، وإنما ينكشف ذلك بالبحث عن حاله في الصلاحية، هل ثبوتها فيستفتيه؟، أو عدمها أو التباسها فلا يستفتيه؟.

  وقوله (في الأصح) إشارة إلى قول بعضهم: إنه لا يجب ذلك فيقبل قول من هو كذلك من غير بحثٍ عن حاله، وإن كان معلوم العلم مجهول العدالة فستعرف في السؤال والجواب حاله.

  لنا: أن القول بقبول فتواه يقتضي وجوب اتباع الخطأإ إذ لا يأمن المستفتي فسقه أو جهله، وعلى تقدير وقوع أيها يجب اتباعه، فلا يندفع بأنه لا يوجب وجوب اتباع الخطأ، بل ما يحتمل الخطأ، والمفروض أنه لا ظن، فلا يندفع بأنه يجب اتباعه من حيث أنه مظنون، وأيضاً فإن العلم شرط، والأصل عدمه، فيلحق المجهول بغير العالم، والغالب الجهل فيلحق بالغالب كالشاهد، والراوي المجهول العدالة لا يقبل؛ لأن الأصل عدم العدالة؛ ولأن الأكثر فسقه.