الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فائدة:

صفحة 121 - الجزء 1

  قال بعض المحققين: الظاهر أنه لا مانع من أن يقالُ: ما وجد فيه المناسبة حكم بأنه منقولٌ لتلك المناسبَة، وما لم يوجد فيه لم يحكم فيه بذلك.

  والحقيقية الشرعيَّة قسمان:

  دينيَّة: وقد أشار إليه المؤلف بقوله: (فما نقل منها) أي المعاني اللغويَّة (إلى أصول الدين فحقيقة دينيَّة كمؤمن) وفاسقٍ والإيمان والفسق، فهي اسم لنوع خاص من الشرعيَّة وهو ما وضعه الشارع لمعنى ابتداء بأن لا يعرف أهل اللغة لفظه أو معناه أو كليهما، وكان من أسماء ذوات الموصوفات كالمؤمن والكافر، أو ذوات الصفات كالإيمان والكفر، وليس من أسماء الأفعال المفتقرة إلى تأثير وعلاج كالصلاة والزكاة والمصلي والمزكي، والظاهر أن الواقع هو القسم الثاني وهو ما لم يعرف أهل اللغة معناه.

  وقال شارح الجوهرة: ويعني بكونها دينيَّة أنا متعبدون بإجراء هذه الأسماء على المسميين بها.

  وفرعيَّة: وإليها أشار بقوله: (وما نقل منها إلى فروعه) أي فروع الدين (فحقيقة فرعيَّة) وذلك (كالصلاة) والمصلي (والصوم) والصائم (والزكاة) والمزكي (والحج) والحاج وقد تقدم بيان نقل هذه الأسماء.

  قال القاضي أبو بكر (الباقلاني وبعض المرجئة: لم تقع) الشرعيَّة (مطلقاً) لا دينيَّة ولا فرعيَّة، (بل) تلك الألفاظ (هي باقية على حقائقها اللغويَّة لم تنقل عنها) نقل هذا عن الباقلاني الجويني، وعلى هذا القول أن هذه الأسماء لهذه المعاني كانت معروفة لأهل اللسان، والشرع أخص ببيان أحكامها، ونقل عن الباقلاني خلاف هذا من أنها باقية على معانيها اللغويَّة، وزاد فيها الشارع شروطاً، والشرط خارج عن المشروط.

  واستبعد هذا الشريف⁣(⁣١)، لأن الرازي قال في المحصول: والمختار أن الإطلاق على هذه المعاني على سبيل المجاز من الحقائق اللغويَّة، ولم يجعل القاضي مخالفاً لمختاره بل المعتزلة، قال: وأنت إذا تتبعت كلام الأحكام ظهر لك هذا المعنى، ولعل الزاعم إنما توهم ذلك على ما اعترض به دليل الخصم من أنها باقية في معانيها اللغوية، والزيادات شروط وليس بلازم كونه مذهباً لأحد، وقد يردُّ دليل الخصم باحتمال لا يعتقد.


(١) الشريف: هو السيد علي بن محمد بن علي الجرجاني، المشهور بالسيد الشريف، العلامة المحقق، حنفي المذهب، أشعري العقيدة، وروي رجوعه إلى مذهب العدلية، ولد بجرجان سنة (٧٤٠) هـ، وتوفي بشيراز سنة (٨١٦) هـ.