الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): في بيان حكم المستفتي إذا لم يجد مفتيا أو وجده

صفحة 550 - الجزء 2

  (وإن كان) التفاوت (في الورع مع التساوي في العلم اتبع الأورع) قيل: اتفاقاً لما عرفت في ترجيح المتفاوتين فيهما.

  (أو كان) التفاوت (في العلم مع التساوي في الورع اتبع الأعلم) لأن تكليف العامي أن يتبع في هذا الباب غالب الظن كتكليف العالم، ولا شك أن الظن الحاصل عند قول العالم أقوى؛ لأنه متى كان أعلم كان أعرف بحال الحادثة وبوجوه الاجتهاد، فتكون فتواه أقرب إلى الصحة، ولا يجوز له أن يعدل عن الظن الأقوى إلى الظن الأضعف فيعمل عليه، كما لا يجوز له أن يعدل عن الدلالة إلى الأمارة.

  وقيل: له الأخذ بفتوى الأنقص علماً، وإن كان الأخذ بفتوى الأعلم أولى، وهو فاسد لما قدمناه.

  (وإن كان بعضهم أعلم وبعضهم أورع اتبع الأعلم) لما قدمناه.

  وقال (المؤيد) بالله (وبعض الأصوليين): بل يتبع (الأورع) لشدة محافظته على الحق وقوة الظن بصحة فتواه، وهو يندفع بما قدمناه.

  وقال (أبو طالب والبلخي وأبو الحسين والقاضي) عبد الجبار (والباقلاني وبعض المتأخرين) واختاره ابن الحاجب: (لا تعتبر الأفضلية، فالجميع سواء).

  (وينصر القول الأول⁣(⁣١)) وهو ترجيح الأكمل على حسب الترتيب (النظر) وهو ما تقدم من أنَّ أقوال المجتهدين بالنسبة إلى المقلد كالأدلة الخ.

  (و) ينصر القول (الثاني الأثر) وهو أنَّ المعلوم من حال المستفتين في زمن الصحابة أن كل واحد منهم يرجع إلى من شاء في استفتاء ولا يذم بذلك ولا ينكر عليه مع تفاوت الصحابة في دُرُج العلم والورع، ولو كان الواجب الأخذ بقول من هو أكمل لأنكر على من عدل إلى الأدون، واللازم منتفٍ، وقد اشتهر منهم ذلك وتكرر ولم ينكر أحد، فدل على أنه جائز.

  وأيضاً قال ÷: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم» خرج العوام؛ لأنهم مقتدون نفى معمولاً به في المجتهدين منهم من غير فصلٍ.

  واعترضوا دليل النظر: بأنه قياس فلا يقاوم ما ذكروه من الإجماع، ولو سلم فالفرق أن ترجيح المجتهدين سهل وترجيح العوام للمجتهدين وإن أمكن فهو عسير.


(١) بل وقوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} يرجح هذا القول، لأن قوله زيادة، يدل على أن فيهم من هو كامل إلا أن هذا أكمل، والله أعلم. تمت من هامش النسخة (أ).