(فصل): [في الأخذ بالأحوط وترك الرخص]
  (وقيل): بل العامي (مخير في حقوق الله تعالى) لأنه أسمح الغرماء، (ويرجع في حقوق العباد إلى الحاكم) ليرتفع توقع الشجار إذا اختار أحد الخصمين من خلاف ما اندفع إليه خصمه من الاختيار.
(فصل): [في الأخذ بالأحوط وترك الرخص]
  (والأحوط(١)) للعامي (الأخذ بما أجمع عليه) من الأحكام؛ لأنه سلوك آمن، فإن لم يجد العامي مجمعاً عليه وذلك كما إذا كان في ناحية ليس فيه إلا ماء قليل وقعت فيه نجاسة: فعند الأكثر أنه لا يصح التوضؤ به، وعند القاسم ومالك يصح، فهل يتيمم أو يتوضأ بذلك الماء.
  قلت: الجواب: أنه إن كان مقلداً لإمام لم يجز له مخالفته إجماعاً، وإن لم يكن مقلداً لإمام عادت المسألة.
  (ويحرم الأخذ اتباعاً للهوى إجماعاً) لأن ذلك يؤدي إلى التهور في الأعمال الشنيعة، وتتبع الشهوات، ورفض العزائم، ويؤدي إلى ما قاله المعري:
  الشافعي من الأئمة واحد ... وبرأيه الشطرنج غير حرام
  وأبو حنيفة قال وهو مصدق ... فيما يفسره من الأحكام
  شرب المثلث والمنصف جائزٌ ... فاشرب على أمنٍ من الآثام
  وأجاز مالك اللواط تطرفاً ... وهمُ دعائم قبة الإسلام
  وأرى أناساً قد أجازوا متعة ... بالقول لا بالعقد والإبرام
  فافسق ولط واشرب على أمن وخذ ... في كل مسالة بقول إمام
  ويؤدي إلى الأخذ بقول من يرى أن الطهارة في الصلاة مستحبة، وأن الأذكار غير واجبة كلها، وأن النية غير واجبة، وأن التيمم لمجرد مشقة الوضوء جائز، وأنه لا يجب من الأركان إلا اليسير في السجود والاعتدال، وأنه يجوز تأخير الصلاة حيث عزم على القضاء، وأنَّ الواجبات على التراخي فيترك الصلاة متى شاء، وأنه يأخذ من أموال الناس ما يسد به ويكسو عورته، وينكح من عوض من غير ولي ولا شهود، ويعاملها على يومين أو أقل أو أكثر، وأنه يجوز للمرأة إذا خالعها الزوج، ثُمَّ عقد ثُمَّ طلق قبل الدخول التزوج من غير اعتداد، وأنه يجوز له بيع الربا إلا النسأ، والنظر إلى الأجنبيات
(١) وهذا أوجب العمل به الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد، واحتج بقوله {فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}، وغيرها من الكتاب والسنة، فمن أراد تحقيق ذلك فقد استوفاه في كتابه المسمى بالإرشاد. تمت من هامش النسخة (أ).