الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في الأخذ بالأحوط وترك الرخص]

صفحة 553 - الجزء 2

  وتقبيلهن، وإتيان الزوجة من الدبر ومملوكه الذكر، والاستمتاع من غير الزوجة بما عدا باطن الفرج، لأن صلاة الفريضة بعده تسقطه، ولمس فروج الأجنبيات، وشرب غير المسكر من الأمزار والمثلثات، وعدم ستر العورة إلا القبل والدبر، والجمع بين تسع زوجات، وعدم الاغتسال من جنابة ما لم ينزل ويصلي ولو أمذى في فرج زوجته ولا يحدث وضوءاً، ولا شك أن من فعل هذه الأشياء أنه مرتبك في الخَطا، متقاصرة عنه فسيحات الخُطا، معدود في الأشقياء، ممحو من ديوان الأولياء.

  قال (أئمتنا والجمهور) من العلماء (وكذا) يحرم الأخذ في الفتوى (للمفتين فيحرم تتبع الرخص) فلا يجوز لهم أن يفتونا بالأخف المخالف لمذهبهم، (خلافاً للمروزي وابن عبد السلام، ونصره القاسم المحلي).

  وفي شمي الشريعة ما معناه: وذكر المؤيد بالله عن مبشر بن جعفر أنه كان يفتي بالرخصة ويعمل بالأشق.

  قال المؤيد بالله: وهذه الطريقة أرتضيها، وذلك مروي عن ابن سيرين وأبي القاسم البلخي وأبي حنيفة والشافعي: عملاً بقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}⁣[البقرة: ١٨٥]، {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}⁣[الحج: ٧٨]، والمختار الأول لتأديته إلى التهور كما أسلفناه؛ ولأن المفتي إن كان مذهبه عدم الرخصة فإفتاؤه بها خطأ، لأنه أفتى بشيء لا يعتقده.

  (وقال الإمام محمد بن المطهر: يجوز تتبع رخص العترة فقط) ولعل حجته أنهم سفينة النجاة، فالأخذ برخصهم غير خروج عن السفينة وهو ضعيف، لكن قال إنما يجوز ذلك (لغير المقلد) لإمام معين، أمَّا هو فيلزمه اتباع إمامه في رخصه وعزائمه.

  (ويرجع الفرق بين تتبع الرخص للهوى والاتباع) المعتبر (إلى القصد وهو خفي) لكونه من الأمور الباطنية، (ففاعل ذلك) أي تبع الرخص للهوى (مخطئ) لأن تتبعه لها لمجرد التشهي لا لطلب الحق، والحق مرٌّ يجب قبوله والإذعان له، (لا فاسق) لعدم ورود دليل قطعي على فسقه وهو لا يفسق إلا بدليل قاطع كما عرفت.

  وقوله (في الأصح) إشارة إلى خلاف بعضهم في ذلك وهو ما حكاه صاحب الروضة عن أبي إسحاق المروزي، وهو يصادم رواية المصنف عنه، وهو قول المهدي بعد ذكره لما ذكرناه أولاً من