فصل: في بيان هل يجوز خلو الزمان عن مجتهد أو لا؟ وفي بيان التقليد والالتزام والاستفتاء وما يقلد فيه وما لا يقلد
  تعداد الأشياء الرخص، بل كلامه يقتضي تكفير من تتبع ذلك؛ لأن في ذلك انسلاخ من الدين وتتبع للهوى، وقد ذمه الله في القرآن.
  (وقول المنصور) بالله (تتبع الرخص زندقة) أي كفر (متأول) بأنَّ ذلك إذا كان للتهاون بالشريعة المطهرة، أو نحو ذلك من التأويلات، ولا يخفى ما في هذا التأويل من التعسف.
فصل: في بيان هل يجوز خلو الزمان عن مجتهدٍ أو لا؟ وفي بيان التقليد والالتزام والاستفتاء وما يقلد فيه وما لا يقلد
  وقد أوضح ذلك بقوله: (أئمتنا والمعتزلة والحنابلة: ولا يجوز خلو الزمان عن مجتهدٍ) يعلم الناس الحلال والحرام.
  وقال (الإمام) يحيى (والأشعرية وأكثر الفقهاء: يجوز) خلو الزمان عنه.
  وقال (ابن دقيق العيد: لا يجوز) خلو الزمان عنه (مالم يتداعى الزمان أن تتزلزل القواعد) فإن تداعى بأن أتت أشراط الساعة الكبرى كطلوع الشمس من مغربها وغير ذلك، جاز الخلو عنه.
  لنا: على امتناع خلوه عنه أن الله تعالى لم يترك خلقه هملاً فلابد من قائم بحجة، كما قال أمير المؤمنين في الخبر الطويل: (لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إمَّا ظاهر مكشوف أو مغمور).
  ولنا: قوله ÷ «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتَّى يأتي أمر الله وحتى يظهر الدجال»، وهو ظاهر في عدم الخلو إلى القيامة.
  وأجيب: بأن هذا إنما يدل على بقاء طائفة على الحق وهو لا ينافي خلو الأرض من مجتهد؛ إذ يجوز أن تكون على الحق مع تقليدها للأموات، وتكون قد اجتهدت في هذه المسألة أعني جواز تقليد الأموات، والمدعي هو المجتهد المطلق، أو اجتهدت في جواز التقليد في أصول الفقه من جملته هذه المسألة، وكون الاجتهاد فرض كفاية لا يسلم على الإطلاق، وإن سلم فهذا إنما يدل على عدم الخلو أمّا عدم الجواز فلا.
  فإن قيل: كلما أخبر الشارع بعدمه فهو ممتنع، وإلا لزم جواز كذب الشارع، فجوابه: بالنقض بجميع الممكنات التي أخبر الشارع بعدم وقوعها.