الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: في التقليد

صفحة 558 - الجزء 2

  وعن الحديث: بأنه آحادي في أصل، أو بأن المقصود من غير رويَّة، وقد قال الله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ٤٣}⁣[النحل: ٤٣]، والعموم لا يقصر على سببه.

[في الإستفتاء، وما يجوز فيه التقليد]

  (والاستفتاء) مصدر استفتى، إذا سأل عن أي شيء.

  وفي الاصطلاح: (السؤال عن حكم الحادثة) من وجوب أو ندب أو حظر أو كراهة أو إباحة، (فكل مقلد مستفتٍ)، لأن حقيقة الاستفتاء موجودة في التقليد، (ولا عكس) لاختصاص التقليد بالقبول، ولا يشترط في الإستفتاء ذلك.

  (والتنقل) مصدر تنقل إذا سار من مكان إلى مكان.

  وهو في الإصطلاح: (الرجوع إلى قول مجتهد بعد تقليد غيره، و) هل يجوز ذلك أو يمتنع (فيه خلاف يأتي) إن شاء الله تعالى فصل وقوع التقليد بالنيَّة.

  (واختلف فيما يجوز فيه التقليد):

  (فعند المؤيد بالله، وابن عياش، والحشوية، وبعض الفقهاء، والتعليمية) وهم الباطنية، على ما قاله القاضي عبد الله في الشريدة، سموا بذلك لأنهم لا يقولون بالنظر ولكن العلم عندهم ما يحصل من جهة إمامهم ليعلمه لهم ولا يفعل أحد بخلافه.

  وقال الديلمي: التعليمية من ألقاب الباطنية، وإنما لقبوا بذلك لأن مذهبهم إبطال النظر والاستدلال والدعوة إلى الإمام المعصوم، ويقولون الحق إمَّا أن يعرف بالرأي أو بالتعليم، وباطل أن يعرف بالرأي لتعارض الآراء واختلاف العقلاء، فلم يبق إلا أن يعرف بالتعليم، فعند هؤلاء (يجوز) التقليد (مطلقاً) في العقليات والشرعيات أصولاً وفروعاً.

  وقالت (البغدادية): إن التقليد (لا يجوز مطلقاً) لا في العقليات ولا في الشرعيات.

  وقال (القاسم) بن إبراهيم: (مقلد المحق ناج) ومقلد المبطل هالك، وبهذا فارق مذهب الأولين.