فصل: في التقليد
  وقال (أبو علي والشيرازي: لا يجوز) التقليد (في أصول الدين وأصول الشرائع) جمع شريعة وحقيقتها عند بعض علمائنا: المنهج المسلوك في معرفة الحلال والحرام وموافقة الكتاب والسنة والإجماع وقياس المجتهدين.
  وقال بعضهم: هي الأحكام التي أمرنا بها رسول الله ÷ من واجب ومندوبٍ ومباحٍ ومحظور، وهذا الحد يعم الأصول والفروع من الشرع، وأصول الشرائع هي المعلومة من الدين ضرورة مثل وجوب الصلوات الخمس والزكاة وصوم رمضان والحج، (وما عليه قاطع في الفروع) كتحريم الزنا وشرب الخمر وما أشبه ذلك مما لا يجوز إثباته بخبر الواحد، واشترك في علمه الخاصة والعامة، فأما ما لم يعلم كتفاصيل هذه التي يسوغ فيها الإجتهاد فيصح فيها التقليد.
  وقال (العنبري): لا يجوز التقيد (في أصول الشرائع) ويجوز في غيرها.
  وقال (أبو القاسم: يجوز) التقليد (لمن لم يبلغ رتبة النظر كالنساء والعبيد) فأمَّا غيرهم فلا يجوز له ذلك مطلقاً.
  (وتوقف البيضاوي في التقليد في الأصول) فقال في منهاجه: ولنا فيه نظر.
  (وقيل) بوجوبه وأن (النظر فيه حرام) نقله الآمدي وابن الحاجب عن بعضهم.
  قال الأسنوي: وهو ظاهر كلام الشافعي.
  وبنى (أئمتنا والجمهور على جوازه) أي التقليد (في) كل (حكمٍ شرعي) خرج العقلي، (فرعي) خرج ما كان من المسائل الأصولية فإنه لا يجوز التقليد فيها، سواء كانت من أصول الدين أو أصول الفقه أو أصول الشرائع.
  وقال القاضي عبد الله: فأمَّا التقليد في مسائل أصول الفقه فلا يبعد على أصول أصحابنا كما ذكروا ذلك في مسائل الفروع وإن كان فيها ما هو قطعي، (عملي) خرج ما كان من المسائل الفرعية العملية كمسألة الشفاعة هل تكون لغير المؤمنين؟ وكفسق من خالف الإجماع ونحو ذلك، (قطعي) ذلك العملي ككون الوتر سنة مؤكدة، (أو ظني) ككون الضحى سنَّة.
  قال (جمهور أئمتنا: إلا عملياً يترتب) العمل به في الواجب والجائز (على) أمرٍ (علمي) أي لا يكفي فيه إلا العلم، وهذا الذي يترتب على العلمي هو (كالموالاة) للمؤمن، وحقيقتها: أن تحب له كلما تحب لنفسك وتكره له كلما تركه لها، ومن ذلك تعظيمه واحترام عرضه، وذلك إن كان