الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): في أن التقليد هل هو جائز لغير المجتهد أو واجب؟ وهل يجوز للمجتهد أن يقلد غيره أو لا؟

صفحة 564 - الجزء 2

  تقريره، وكالمسائل القطعية، بل قال شيخنا: والظنية، وقد قيل في تقرير الإجماع ونقله ما سبق مع قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ ...} الآية وإلا لزم الفساد، وهل كان السبب في التحكيم يوم صفين إلا منازعة أصحاب أمير المؤمنين في وجوب قتال البغاة حتَّى كان من ذلك الخلل، وكذلك طال ما وقع مع كثير من ولده.

  قال الإمام شرف الدين: والذي يظهر من كلام المهدي هنا أن حكم أمر الإمام للعامة حكم الشهادة في وجوب الامتثال وإجراء الأحكام سواء، وليس المراد من الاعتقاد في مثل هذا إلا العلم الشرعي الذي علم أنَّ الشارع أمر به، وذلك مما يكفي في تحصيله الشهادة ونحوها كأمر الإمام؛ فيجب الامتثال واعتقاد أن مثل هذا مما يجب موالاته أو معاداته، وليس المراد الحق اليقيني.

  قال شيخنا: وظاهره أن الإمام يذهب إلى ما ذهب إليه القاضي النجري أن ذلك يختص أمر الإمام في الجهاد فقط كالأمر بالحدود، فإن اعتقد الاستحقاق والمعاداة، وأن المراد العلم الشرعي كعلم المجتهد، والذي تُفهمه التكملة في نظري أنَّ ذلك يعم الإمام وغيره بعد حصول الموجب كشهادة مرضية معتبرة في ترتب مثل ذلك الحكم والله أعلم، وقد تقدم ما إذا عطفته نفعك وللتطويل موضع آخر.

(فصل): في أنَّ التقليد هل هو جائز لغير المجتهد أو واجبٌ؟ وهل يجوز للمجتهد أن يقلد غيره أو لا؟

  (و) المختار عند المؤلف أنَّ (التقليد) لإمام معين (جائز لغير المجتهد) سواء كان عامياً صرفاً أو عالماً ببعض العلوم لا واجب، فيجوز أن يبقى مستفتياً عما عرض له من الأحكام أو لا دليل على الوجوب، وانعقد الإجماع من الصدر الأوَّل على ترك النكير على المقلدين فكان جائزاً.

  وقال (وقال المنصور بالله والشيخ) الحسن (وحفيده) أحمد بن محمد بن الحسن (والجمهور) من العلماء (بل) التقليد لإمام معين في رخصه وعزائمه (واجب) فلا يعمل بقول غيره، ولا يجوز له إذا استفتى عالماً في حكم أن يستفتي غيره في غير ذلك الحكم، بل إذا قلده في حكم اتبعه في سائر الأحكام الشرعية، ولا يجوز له العدول عنه في غيره.

  مستدلين: بأن المقلد في اختيار من يقلده بمنزلة المجتهد في اعتماد أرجح الأمارات، فمتى اختار عالماً بفتواه فقد صار ذلك العالم بمنزلة الأمارة الراجحة عند المقلد، واجتهاداته كلها بالنظر إليه كالحكم الواحد، فإذا كان أمارة للمقلد راجحة في أحدها كان أمارة راجحة في سائر اجتهاداته من غير تردد،