الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في بيان الحقيقة الشرعية]

صفحة 123 - الجزء 1

  كونها موضوعة لغويَّة؛ لأن الشرط خارج عن المشروط، فيكون اللفظ عندهم مشتركاً بين الوضعين اللغوي والشرعي، واللفظ المشترك يصح استعماله في كل معنية.

  وقال (الرازي) بل (تدل على اللغوي حقيقة) بوضعها له (وعلى الشرعي مجازاً) يعني أن الشارع لم يضعها لهذه المعاني، بل يستعملها فيها مجازاً، ولا يخفى أن ذكر اللغوي وكونها حقيقة فيه مما لا حاجة إليه؛ إذ هو معلوم وإن لفظ معاً في عبارته توهم أنها تدل عليهما في حالة واحدة حقيقة في اللغوي مجازاً في الشرعي، وليس كذلك، بل على ما شرحنا، وفي عبارة الإمام ونقله عن المذكورينَ ما يقضي بأن قول الغزالي ومختاره أنها تدل على المعنى اللغوي، والزيادات في حالةٍ واحدةٍ حال إرادة المعنى الشرعي، وأن الرازي يقول: إنها تدل على المعنَى اللغوي في حال إرادته منا وعلى الشرعي مجازاً حال إرادته منها، فالغزالي لم يقل إنها تدل على المعنى الشرعي، بل على الزيادات وهي ليست المعنى الشرعي بل جزء، فإن حمل إطلاق المؤلف للشرعي على ما هو أعم من جميع المعنى، ومن الزيادات مجازاً لم يستقم لفظ معاً على قولِ الرازي، وكلام المؤلف فيما نسبه إلى المذكورين غير مصرح أنهم يقولون بالوقوع أو عدمه، ولا شك أن الرازي قال بعدم الوقوع بقوله بأنها مجازات، وأمَّا الإمام والغزالي فظاهر كلامه أنهما لا يقولان بالوقوع؛ لأن الظاهر أنه أراد بقوله حقيقة لغوية؛ إذ لو حملت على الشرعيَّة لم يكن للكلام استقامة، وإن كان الراجح أنهما يقولان بالوقوع.

  فإن الغزالي قال في المستصفى: والمختار عندنا أنه لا سبيل إلى إنكار تعرف الشرع في هذه الأسامي، ولا سبيل إلى دعوى كونها منقولة عن اللغة بالكليَّة كما ظنَّه قوم، لكن من عرف اللغة تصرّف في الأسامي من وجهين:

  أحدهما: التخصيص بعض المسميات كما في الدابة فتصرف الشرع في الصوم والحجَّ والإيمان هذا الجنس؛ إذ للشرع عرف في الاستعمال كما للعرب.

  والثاني: إطلاقهم الاسم على ما يتعلق به الشيء ويتصل به كتسميتهم الخمر محرمة والمحرم شربها، والأم محرمة والمحرم وطؤها، وتصرفه في الصلاة كذلك؛ لأن السجود والركوع شرطه الشرعي كما في تمام الصلاة، فشمله الاسم لعرف استعمال الشرع، إذ إنكار كون الركوع والسجود ركنان للصلاة بعيد، فيسلَّم هذا القدر من التصرف بتعارف أهل الشرع أهون من إخراج السجود من نفس