الباب الرابع عشر باب الاجتهاد والتقليد وصفه المفتي والمستفتي
  نعم، ينبغي أن يكون جواز التقليد للمجتهد من مثله فيما يخاف فوات وقته إجماعاً، وقد ذكره في الغيث في القبلة، وابن الهمام(١) من علماء الحنفية وغيرهما وابن مظفر في بيانه وغيرهم.
  (وقيل): يمتنع التقليد (إلا أن يكون المقلد أعلم) فيجوز دون المساوي والأفضل، وهذا هو قول محمد بن الحسن.
  (وقيل): يمتنع التقليد (إلا أن يكون المقلد صحابياً، ولو) كان (مرجوحاً)، وهذا قول أبي علي.
  (وقيل): يجوز إذا كان المقلد (صحابياً أرجح) من المقلد له، وهذا هو قول الشافعي، ذكر في رسالته القديمة أنه يجوز تقليد الصحابة، ورجح قول الخلفاء منهم.
  قال: (فإن استووا يخيِّر) في تقليد من شاء منهم.
  (وقيل): يمتنع إلا أن يكون صحابياً (أو تابعياً، وقيل) يجوز تقليد المجتهد للمجتهد (إن كان) المقلِّد - بكسر اللام - (حاكماً) لحاجته إلى فصل الخصومة المطلوب نجازه بخلاف غيره، وزاد (الناصر مع كون من قلده) الحاكم (أعلم) منه.
  لنا: أن التقليد بدل يجوز الأخذ به ضرورة لمن لا يمكنه الاجتهاد، ولا يجوز الأخذ بالبدل مع التمكن من المبدل منه كالوضوء والتيمم.
  وقد يقال: ممنوع أنه بدل، بل يخير فيهما عندنا.
  ولنا: أنه متمكن من الوصول إلى حكم المسألة بفكرته، فوجب أن يحرم عليه التقليد كما في الأصول، والجامع بينهما وجوب الاحتراز عن الضرر المحتمل عند القدرة على الاحتراز منه.
  ولنا: تقريره ÷ قول معاذ: أجتهد فيه رأيي، ولم يقل: ارجع إلى أعلم منك، وكالمتحري في القبلة والأواني.
  المحيزون مطلقاً قالوا: المعتبر الظن وهو حاصل بفتوى الغير، فيجب العمل به.
  قلنا: إن ظنه باجتهاد أقوى من ظنه بفتوى الغير فيجب العمل بالأقوى.
  قالوا: قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ}.
(١) هو محمد بن عبد الواحد بن عبد الحميد بن مسعود السيواسي ثم السكندري، كمال الدين الحنفي، المعروف بابن الهمام، من مشاهير علماء الحنفية، ولد سنة (٧٩٠) هـ، وتوفي سنة (٨٦١) هـ، من مصنفاته: التحرير في أصول الفقه.