(فصل): في بيان من تقليده أولى
  استدل به الخصم من انعقاد الإجماع على خلافه ممنوع لما سبق فيه من الخلاف، ولو سلم فهو معارض بحجية الإجماع بعد موت المجمعين. انتهى.
  نعم: قد قيدت الدلالة بالإجماع على وجهٍ غير ما ذكراه، وهو أنه أجمع المسلمون الآن على جواز تقليده.
  بيان ذلك: عمل الأمة في كل قطر بمذاهب الأئمة كالهادي وأبي حنيفة والشافعي متكرراً شائعاً ذائعاً من غير نكير، فكان إجماعاً.
  وقال (أبو طالب وبعض المتقدمين: يجوز) تقليد الميت (إن قلده في حياته واستمر) على تقليده (بعد وفاته) سواء كان سماعاً منه، أو رواية عنه، أو مسطواراً في كتابٍ معتمد.
  قال المهدي: ولا وجه له إلا كونه أخذ عنه الفتوى لنفسه، قال: وهذا لا يفيد إلا صحة النقل.
  وقال الإمام الحسن #: وليت شعري ما حمل المفصل على التفصيل، وأيَّ فرق في باب العمل بين أن يسمع أو ينقل إليه الثقات هل ذلك إلا تحكمٍ باطل.
  (قيل: بل هو) أي تقليد الميت (أولى) من تقليد الحي لأمن تغير الاجتهاد مع الموت حكاه الإمام الداعي.
  (والمختار عكسه) وهو أن تقليد الحي أولى من الميت، للخلاف في تقليد الميت دون الحي، والأخذ بالمجمع عليه أولى؛ ولأن الطريق إلى معرفة كمالِه أقوى من الطريق إلى معرف كمال الميت، والعمل بما طريقه أقوى أرجح، وللعلم باستمراره على رأيه، ولا يؤمن أن لو كان الميت حياً أن يكون قد رجع عن مذهبه.
  نعم، قد يكون تقليد الميت أرجح، وذلك حيث يكون الميت في أعلى درجات العلم والورع ومن أهل البيت والحي ليس كذلك.
  قال (الماوردي: ولا يقلد من لا يقول بالإجماع أو بخبر الواحد أو بالقياس) أي بحجية هذه الأشياء؛ لأنه يؤدي إلى تقليد من يتعطل عليه بعض الحوادث من الأحكام؛ لأن النصوص ليست عامَّة في كل حادثة، أو لأن هذه من المسائل الأصلية، فإذا قلده في جميع أقواله كان من ذلك تقليده في عدم القول بالإجماع أو بخبر الواحد أو القياس والتقليد لا يجوز فيها.
(فصل): في بيان من تقليده أولى
  (والمجتهدون المشهورون السابقون) وهم الداعون إلى الله الشاهرون للسيوف، (والمقتصدون) وهم الذين بلغوا رتبة الإمامَة ولم يدعوا، كزين العابدين والباقر والصادق ذكره الهادي وغيره من أهل