(فصل): في بيان من تقليده أولى
  وأخرج الثعلبي عن ابن عباس في {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ٢٣}[الشورى: ٢٣]، فقال: (المودة لآل محمد)، ونقل البغوي والثعلبي ما يدل على ذلك.
  وما في صحيح البخاري أن ابن عباس قال لابن جبير - لما فسر الآية بذلك -: عجلت، إنه ÷ لم يكن لم بطن من قريش إلا كان لهم فيه قرابة، فقال: ألا تصلون ما بيني وبينكم من القرابة.
  فلا ينافي التخصيص بالقربى؛ لأن ابن جبير اقتصر على أخص أفراد القربى، وبيَّن أن حفظهم آكد من حفظ بقية تلك الأفراد، ولذا لم ينسب ابن جبير ابن عباس إلى الخطأ، بل إلى العجلة أي عن أنَّ القصد من الآية العموم.
  ومما يدل على ذلك أن ابن جبير كان يفسر الآية بالتفسيرين، فدل على أن لا مضادة، بل جاء عن ابن عباس نفسه ما يوافق ابن جبير، وقد ذكرت ما تحتمله هذه الآية في شرح الهداية في ورقتين ونصف فليطالع.
  إذا عرفت هذا: فلا يأمر الله إلا بمودة المحق فيكون قوله أرجح، وقس على هذه سائر ما بعدها.
  (والتطهير): وهو معطوف، وكذا ما بعده على المودة أي لهذه الآيات، لا أن للمودة آيات وللتطهير آيات، وآية التطهير هي قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ٣٣}[الأحزاب: ٣٣]، وقد قدمنا في الإجماع دلالة أنها فيهم.
[آية المباهلة ودلالتها]
  (والمباهلة): وهي قوله تعالى {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ٦١}[آل عمران: ٦١]، فهذه الآية نزلت في النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين.
  أخرج الترمذي عن سعد أن هذه الآية لما نزلت دعا رسول الله ÷ علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، وقال: «اللهم هؤلاء أهلي».
  وروى الزمخشري في تفسيره من أنه لما وَفَدَ وَفْدُ نجران على النبي ÷ ليسألوه عن عيسى ويختبروه، فسألهم النبي ÷ المباهلة بعد نزول الآية، قالوا: حتَّى نرجع وننظر، فلما تخالوا قالوا للعاقب - وكان ذا رأي فيهم - يا عبد المسيح ما ترى؟.