(فصل): في بيان من تقليده أولى
  ولو لامني فيه أبي لم أطع أبي ... وحاشا أبي أن يعتريه به شَكُّ
  وهو القائل:
  يقولون لي فَضِّل علياً عليهم ... ولست أقول الدر خير من الحصى
  إذا أنا فضلت الإمام عليهم ... أكون بمن فضلته متنقصا
  ومحبته لأهل البيت أمر لا يدفع، ومكشوف لا يقنع، وقد حكى الذهبي وهو من أنصب النواصب في ترجمته أنَّ والي اليمن كتب إلى بني العباس: إن كنتم مستبقين لطاعة أهل اليمن أرسلتم للشافعي فإنه صار يجمع مع الطالبين في الخروج، فأرسلوا إليه وحملوه على حمارٍ إلى بغداد.
  وأما مالك بن أنس: فكان في وقت محمد بن عبد الله، وأتى إليه جماعة ممن قد بايع الدوانيقي فسألوه عن بيعتهم فقال: انفروا إلى النفس الزكية فليس على مكره يمين، وسئل عن السدل في الصلاة، فقال: قد رأينا من يعتمد على فعله بفعله عبد الله بن الحسن بن الحسن #. قال الفقيه محمد الديلمي: وسمعت ممن أثق به أنه سمع من بعض المالكية أن مالكاً كان ممن دعاه محمد بن عبد الله النفس الزكيَّة المالكية يعظمون الزيدية بهذا السبب.
  وأما ابن حنبل: فإن المروي عنه المبالغة في تعظيمهم، ورواية فضائلهم وتفضيل أسانيدهم، وروى الذهبي أنها هُجمت داره مرتين لطلب بعض الطالبيين، إلى غير ذلك مما يشق نقله ويتعذر حصره.
  (بخلاف كثير من أتباعهم) فإن نصبهم جلي، وبغضهم غير خفي، كالذهبي(١) وابن العربي(٢)، ومن أفضع شيء روي عن أتباعهم ما قال ابن سمرة اليمني في طبقاته(٣):
  فإنه يقال وفي سنة كذا جرت فتنتان عظيمتان:
  أحدهما: فتنة علي بن الفضل ودعاؤه للناس إلى الكفر.
  والأخرى: فتنة الشريف يحيى بن الحسين الرسي ودعاؤه للناس إلى التشيع.
  فجعل الدعاء إلى التشيع فتنة كالدعاء إلى الكفر قاتله الله ولعنه وأخزاه، وجعل أهل البيت خصمه.
(١) القاساني هو أبو بكر محمد بن إسحاق، كان داودي المذهب، توفي سنة (٢٨٠) هـ.
(٢) هو محمد بن عبد الله بن محمد المعافري الأندلسي الأشبيلي، المعروف بابن عربي، من فقهاء المالكية، توفي سنة (٥٤٣) هـ.
(٣)