الباب الرابع عشر باب الاجتهاد والتقليد وصفه المفتي والمستفتي
  ومن ذلك: تحامل ابن العربي على أمير المؤمنين وفاطمة حتَّى زعم أن أبا بكر أشجع من علي، وعائشة أفضل من فاطمة، وأن مراتب الفضل سبع، وأن أبا بكر هو السابق فيها، وغير هؤلاء ممن خلع عقد الإيمان من عنقه، واعتاض عنه غلاً يقاد إلى النار به.
  وقال (الإمام) يحيى (والجويني: ولا يجوز تقليد الصحابة) وعلل الإمام ذلك بأنه لم يكن لهم من الخوض مثل ما لغيرهم من متأخري العلماء، ونظره المهدي بأن اجتهادهم أوفى وأكمل؛ لأن علوم العربية وأكثر أصول الفقه من عموم وخصوص وإجمال وبيان ونسخ وغير ذلك يعلمونه من غير تعلم ولا نظر بل كالغريزة، ولا يصعب عليهم فهم معاني الكتاب والسنة، ولا يحتاجون في نقل الأحاديث كما يحتاج المتأخرون من البحث عن حال الراوي وغير ذلك، فلا شك في أن اجتهادهم أكمل، (وادعيا الإجماع على ذلك) قال الجويني في البرهان: أجمع المجمعون على أن العوام ليس لهم أن يتعلقوا بمذهب أعيان الصحابة، بل عليهم أن يتبعوا مذهب الأئمة الذين بوبوا الأبواب وهذبوا المسائل.
  قال في الحواشي: والعجب من غفلة هذين الإمامين عما ذكراه، غير بعيد من الخلاف بين الأئمة الجلة في تقليد المجتهدين للصحابي، ومن جوزه للمجتهد جوزه للمقلد بالأولى.
  (وقيل: المجمع على منعه التزام مذهب واحد) من الصحابة (معين لارتفاع الثقة بمذهبه)، وفيه نظر، لأن الذين نقلوا الأخبار عن الصحابة هم الذين نقلوا الآثار عنهم وهي مذاهبهم، وصارت مذاهبهم مدونة كالحديث، وعلل المهدي ذلك بأن الواحد منا لو التزم قول الصحابي وليس لهم من النصوص في مسائل الفروع إلا اليسير في بعض أبواب الفقه، فيبقى على قول من زعم أنَّه لا يجوز للمقلد الأخذ بغير قول إمامه في شيء من المسائل متعطلاً في أكثر الأحكام عن التعلق بطريق شرعي.
  (وقيل: غيرهم) أي الصحابة (أولى) بالتقليد لما ذكر (إلا علياً) لأنه معصوم، ولأنه مع الحق كما جاء في الحديث.
  وقال (بعض ساداتنا): الصحابة (هم الأولى) بالتقليد (بعد أهل البيت) لما لهم من مزيد العناية، أمَّا أهل البيت فإنَّهم أولى بالتقليد منهم للآيات المتقدمة والأحاديث، (والأولى منهم) بالتقليد (من أثنى عليه النبي ÷ بالفقه والدين) كابن عباس فإن النبي ÷ أثنى عليه بالعلم، وقال: «لقد أوتي هذا الغلام علماً»، وقال النبي ÷ «اللهم علمه الكتاب»، وفي رواية: «الحكمة»، أخرجه البخاري، وكابن عمر فإن