الباب الرابع عشر باب الاجتهاد والتقليد وصفه المفتي والمستفتي
  الشيخين أخرجا عن النبي ÷ فيه: «أرى عبد الله رجلاً صالحاً»، وللترمذي «إن أخاكِ - يعني حفصة - رجل صالح»، وغيرهما من الصحابة كأبيّ وزيد بن حارثة وغيرهما كما قد اشتملت على ذلك كتب الحديث، (أو) من (شهد له أحد من أهل بيته) أي النبي ÷ (بذلك) أي بالعلم والدين، (ثُمَّ من أثنى عليه القرابة) أي قرابة النبي ÷، (والصحابة ممن بعدهم من التابعين كذلك) أي من أثنى عليه القرابة والتابعين الأولين ممن بعدهم، (ثُمَّ من نص على جواز تقليد الميت) لأنه يستمر تقليده إياه في حياته وبعد وفاته إذ ذلك من مذهبه، (ثُمَّ من لم ينص) على جواز ذلك ولا على عدمه، لأن الأصل عدم قوله بتحريم ذلك فيقلد، ويجوز أن يقول به فتنقص مرتبته عن الأول.
  (وفي جواز تقليد من نص على تحريمه تردد) قال في الحواشي: قال شيخنا جمال الدين: الذي حصل من النظر: أن المقلد للمانع من تقليد الميت إن كان ملتزماً لجميع أقواله فمن جملة أقواله المنع من تقليد الميت، ولعل هذه المسألة تكون من المسائل الفرعية العملية، فعلى هذا لا يقلد في شيء مع الالتزام، وإن لم يكن ملتزماً بجميع أقواله، بل يقلد من ترجح له منه ومن غيره، وفي بعض مسائله دون بعض كان له أن يقلد فيما شاء من مسائله ما عدا مسألة المنع، ويقلد غيره في جواز تقليد الميت، قال: ومثل هذا ذكره مولانا صلاح الدين، قال: ويلزم على أصل من أوجب التزام مذهب إمام معينٍ تحريم تقليد من منع من تقليد الميت.
  (وإنكار أتباع الفقهاء الأربعة على من قلد غيرهم بدعة) لأن فيه قصر التقليد على الفقهاء الأربعة المعلوم جوازه لغيرهم من سائر المجتهدين، ومن هذا ما ذكره الديلمي في كتاب قواعد أهل البيت عن ابن رشيد في حكاية الإجماع في نهايته.
  قال ابن الصلاح: ويتعين تقليد الأئمة الأربعة دون غيرهم، ورجح الجويني مذهب الشافعي على مذهب أبي حنيفة ومالك وغيرهم بتأخره، وساق كلاماً طويلاً.
  وبأنه استمد من الأصول مالم يستمده غيره، وقد فحش التعصب في هذه البدعة، وولع بها كثير ممن ينتحل العلم دع عنك العوام، ولقد سمع بعض فقهاء مكة أشار بيده إلى البيت الشريف قال: ورب هذا البيت - ثلاثاً - لو رأينا زيدياً لضربنا عنقه.
  ومن ذلك: أنهم جعلوا المسائل التي خالف فيها العترة سنة، فذكروا في كتبهم أن أصول السنة عشرة: