الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): اختلف بماذا يقع التقليد؟

صفحة 580 - الجزء 2

  يصير الحكم الذي القولان فيه (على وجهٍ) فيه خرق الإجماع، بحيث (لا يقول به إمام منفرد)، وذلك (كنكاح خلِيَ عن ولي) عملاً بقول أبي حنيفة، (وشهود) عملاً بقول مالك، فإن الطرفين وإن قال بكل واحدٍ منهما إمام لكنهما في حكمٍ واحدٍ وهو النكاح ولو سئل أبو حنيفة عن صحته قال:

  ليس بصحيح لعدم الشهود، ولو سئل مالك عنه قال: ليس بصحيح؛ لعدم الولي، فلا يكون في هذا النكاح مقلداً لواحدٍ من الإمامين (لخروجه) أعني الفاعل بذلك (عن تقليد كل منهما) أي الإمامين لأن كل واحدٍ منهما يقول بفساده، بل لكونه بذلك خارقاً للإجماع، فالعلة على ما ذكره الإمام شرف الدين في ذلك هو خرق الإجماع لا لمجرد خروجه عن تقليد كل منهما كما توهمه المصنف، ويلزم على عبارته أنه لو قلد مقلد القاسم في أن الماء القليل مطهر، وقلد أبا حنيفة في أن الاعتدال في الصلاة غير واجب، أنَّ ذلك لا يصح لخروجه عن تقليدهما، فإنه لو سئل كل منهما لقال: لا يصح للخلل الذي عنده والأظهر صحتها؛ إذ لم يخرق الإجماع، ولهذا جاز لمجتهد أن يجتهد على تلك الصفة، وما جاز لمجتهد أن يجتهد فيه جاز لمقلد أن يقلد فيه كما ذكره صاحب الفتح.

  وقال (أبو جعفر: أئمة العترة بمنزلة واحدة، فالمقلد لهم جملة مقلد لمجموعهم حيث يتفقون، مخير بين أقوالهم حيث يختلفون) محتجاً بأنهم سفينة نوح وباب السلم المفتوح، فالمقلد لهم راكب في السفينة، وغير خارج عن الحوزة الأمينة، (والأظهر أنهم كغيرهم) من الناس في التقليد، والخلاف في جواز تقليد مجموعهم وعدمه وكونهم السفينة، إنما يدل على أن مخالفتهم لا تجوز لا على أنهم يقلدون.

(فصل): اختلف بماذا يقع التقليد؟

  (والمختار وفاقاً للجمهور) من العلماء (وقوع التقليد بالنيَّة فقط) وهي العزم على العمل بمذهبه في حكمٍ أو في جميع مسائله.

  (وقيل): يقع التقليد (بها) أي النية (وبالشروع في العمل) فيصير ملتزماً قبل تمامه.

  وقال (الحاكم): التقليد (بأيهما) إما الشروع فيه، وإمَّا النية.

  (وقيل: اللفظ) فمهما حصل فهو المعتبر.