الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الرابع عشر باب الاجتهاد والتقليد وصفه المفتي والمستفتي

صفحة 583 - الجزء 2

  المجتهد عنده أنَّ قوله في ذلك الحكم أصح من قول الأعلم، فلم يجز له العدول، بخلاف المقلد لدون الأعلم، فإنه لا يرى ترجيحاً إلا للأعلم فجاز له الانتقال والله أعلم.

  ثانيها: ما قاله (بعض أئمتنا) كالإمام، (و) بعض (الفقهاء، و) بعض (الأصوليين: يجوز) الانتقال (مطلقا).

  (قيل: و) على القول بجوازه (يجوز) الإنتقال (فيما اتصل به عمل دون غيره) وهذا هو قول ابن الحاجب، وادعى الاتفاق على ذلك فقال: ولا يرجع المستفتي عن الحكم بعد تقليده اتفاقاً.

  ثالثها: ما قاله (بعض أئمتنا) كالإمام علي بن محمد والإمام محمد بن المطهر: (يجوز) التنقل (في علماء العترة فقط) دون غيرهم من الناس فلا يجوز.

  لنا: قياس المقلد على المجتهد، فكما أنه ليس للمجتهد الانتقال عن اجتهاده لغير مرجح، فكذا المقلد، فالأصل المجتهد، والفرع المقلد لإمامٍ، والحكم حرمة الانتقال، والعلة كونه خروجاً عن ما استرجح لا لمرحج.

  قال المهدي: والأصل مجمع عليه، والعلة كذلك وحصولها في الفرع معلوم ضرورة، فكان قياساً قطعياً.

  قال الإمام الحسن: وقد يقاس على المكفر، فكما أن له أن يختار من خصال الكفارة ثانياً غير ما اختاره أولا، للتخيير وتعلق المصلحة بكل منهما، كذلك الملتزم لمشاركته إياه في ذلك الجامع، وهذه معارضة.

  ويعترض: بأنَّ كون انتقال الملتزم خروجاً عما قد اختير لا لمرجح غير مسلم، لما في ذلك من التنفيس وعدم التضييق، ولو سلم فلا يضر كما في أصل المعارضة، وأنتم تقولون به، ولو سلم فلا إجماع على تعليل حرمة الإنتقال على المجتهد بذلك، ومجرد الإجماع على منعٍ الخروج عما قد اختير لا لمرجح، لو ثبت لا يجدي؛ لأنه قد يؤخذ المرجح هاهنا على أنه لم يثبت ذلك الإجماع؛ إذاً لحرم ذلك أيضاً في صورة المعارضة، ولو سلم الإجماع على تعليله بذلك، فمن شرط العلة أن لا يتخلف حكمها أينما وُجدت، وقد تخلف كما في تلك المعارضة، والتحقيق أنَّه إنما حرم على المجتهد الانتقال؛ لأنه متى حصل له من نظره في إمارة ظنّ بحكم حرم وجوب عمله بمقتضاه، لانعقاد الإجماع على أنه يجب عليه العمل بمقتضى ظنه، وليس كذلك المقلد، فإنّ ظنَّه لا يفضيه إلى علمٍ؛ إذ لم ينعقد الإجماع على وجوب اتباعه بظنه بل انعقد على خلافه.