الباب الرابع عشر باب الاجتهاد والتقليد وصفه المفتي والمستفتي
  فإذا رجع عن اجتهاد فيهما وأدّاهما به أو من قلَّده لم يلزم إعادته بعد الرجوع ولا تكرار فيه كالصلاة فيعمل في المستقبل بالثاني، (خلافاً لشذوذ) فقالوا: يلزمُه العمل بالاجتهاد الثاني، وهذه رواية رواها علي خليل عن المؤيد بالله وهو قول المنصور بالله، ورواهُ أبو مضر عن بعض الناس.
  قال القاضي عبد الله في شرح اللمع: وهذا مما لا ينبغي التعويل عليه.
  واختلف في المجتهد إذا أفتى باجتهاد ثُمَّ تغير اجتهاده هل يجب عليه أن يُعَرِّف المستفتي بغيره أو لا، ولا خلاف في الاستحسان:
  فقيل: لا يجب عليه أن يعرف المستفتي ذلك وكيف يجب عليه وهو مصيب في تلك الفتوى فليست بخطأ، فيجب التلافي، وأيضاً فلا دليل على ذلك والأصل عدمه.
  (و) المختار عنده أن المجتهد (عليه تعريف المقلد رجوعه) عن رأيه الأول؛ لأن المفروض أنه مستند العامي وقائده إلى العمل كون ما عمل به قولاً لذلك المجتهد، وإلا لكان على مراحل من العمل، والمعلوم أنه بعد الرجوع لم يبق قولاً له فلا يصح أن يعمل به بعد بطلان شرط العمل وانهدام أصله، وإنما يلزمه إعلامه (إن أمكن) إعلامه بالرجوع (قبل العمل) بأن يكون المستفتي مؤخراً للعمل كأن يقلّده في صحة أداء فريضة الحج بنية النفل ثُمَّ تغير اجتهاده قبل أن يحرم، أمّا إذا لم يمكن فإنه لا يجب إعلامه لتعذر التلافي حينئذ.
  وقد يقال: ماذا أردتم بالتمكن؟ هل القدرة والاستطاعة؟ لزم أن يتبعه في الأمصار، والانجاد والأغوار، ولو سيم ذلك لسيم الإقامة على الحيف والشطط، والقول بذلك سيما حيث تشتت المستفتون حيف وغلط.
  وإن أردتم به اليسر فرد إلى جهالة؛ إذ الآخذ لا حاصر له.
  وقد قيل: المراد مالم يحتج فيه إلى سفرٍ ومؤنة، لكن اللفظ إلا يؤديه، والسياق لا يقتضيه، وهذا كله حيث كانت المسألة اجتهادية ولم يقصر في ذلك الاجتهاد، فأمَّا إن كانت قطعيَّة أو كان مقصراً فلا شبهة في لزوم تلافي ما كان فيه من التفريط والخديعة لذلك العامي والتوريط.
  قال القاضي عبد الله: ولو ببذل مال كثير مالم يخشى ضرراً من ذلك، أو فوت أهم منه من الواجبات، وعلى ذلك أو على الاستحباب حمل إنفاق محمد بن الحسن | العشرة آلاف الدرهم في تلافي فتوى.
  (وللإمام) يحيى (في ذلك) أي في الإعلام بالرجوع (احتمالات ثلاثة):