الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الرابع عشر باب الاجتهاد والتقليد وصفه المفتي والمستفتي

صفحة 586 - الجزء 2

  أحدها: أنه يلزمه تعريفه بذلك؛ لأنه إنما عمل على القول الأول لأنه قول له، وبعد رجوعه عنه فليس قولاً له.

  ثانيها: أنه لا يلزم تعريفه؛ لأنَّ فتواه الأولى بمنزلة الحكم عليه فلا يجوز عنه الرجوع بحالٍ.

  ثالثها: أنه لا يلزمه أن قد عمل؛ إذ لا ثمرة لذلك ويلزم إن لم يعمل.

  (وما لم ينفذ فعله) من الأحكام التي قد اجتهد فيها حتَّى رجع عن ذلك الاجتهاد (ووقته) أي ووقت الحكم الذي رجع عن اجتهاده فيه (باق) نحو أن يرى أن مسافة القصر ثلاث بعد أن كانت عنده بريد أو لما يصل والوقت باق، (أو تقدمت مقدماته) أي مقدمات ذلك الحكم الذي رجع عن الاجتهاد فيه نحو أن يتوضأ من غير ترتيبٍ ثُمَّ يرى وجوب الترتيب، (ولما ينفذ) الحكم بأن لم يصل مثلاً (عمل بالاجتهاد الثاني) في الصورتين جميعاً فيصلى تماماً ويعيد الوضوء.

  (واختلف فيما لم يفعله) من الأحكام التي قد وجبت ورجع عن اجتهاده الأول فيه (وعليه قضاؤه) نحو أن يترك صلاة في سفره حتَّى خرج وقتها وكان يرى أنه سفر يوجب القصر ثُمَّ رجع إلى أنه لا يوجبه وأراد القضاء (أو) رجع عن الاجتهاد في حكم قد (فعله وله ثمرة مستدامة كالنكاح) نحو أن يتزوج مثلاً امرأة بغير ولي عند ظن إمامة صحة ذلك ثم تغير اجتهاد:

  (فعند بعض أئمتنا) وهو الناصر وهو أحد قولي المؤيد بالله والمنصور بالله (ومحمد) بن الحسن (والقاضي) عبد الجبار، وصححه فقهاء المؤيد بالله كأبي مضر وعلي خليل وبعض المتأخرين والحفيد (العمل با) لإجتهاد ا (لأول؛ إذ هو بمنزلة الحكم فلا ينقضه الثاني).

  قال المهدي: وهو القوي لظهوره عن الصحابة، فإنهم يرجعون من اجتهاد إلى اجتهاد في كثير من الأصول، كقضية عمر في دية الأصابع، وعلي في بيع أمهات الأولاد، وغير ذلك كثير عن كثير منهم، ومن خلفهم من التابعين، ولم يؤثر عنهم أنهم بعد رجوعهم نقضوا ما قد أبرموه بالاجتهاد الأوَّل، والذي له ثمرة مستدامة في حكم ما قد نفذ وانبرم.

  وقال (بعض أئمتنا) كالمهدي الشهيد والحقيني وهو أحد قولي المؤيد بالله والمنصور بالله وقواه الفقيه يحيى (وأبو يوسف): يلزمه العمل (با) لإجتهاد ا (لثاني، إذ الأول ليس بمنزلة الحكم) وهو الذي ينبغي التعويل عليه وإلا استدام ما يعتقده حراماً، واستحل ما يعتقد عدم إجزائه كما ذكره بعض المحققين.