الباب الرابع عشر باب الاجتهاد والتقليد وصفه المفتي والمستفتي
  (فعند بعضهم: لا يضاف إليه) وذلك لاحتمال أن لا يكون ما خرج له ليس خاطراً بباله ولا مريداً له فكيف يقال عليه مالم يقل، وبه قال إمامُنا المنصور بالله قدس الله روحه، قال: لأن الأحكام الشرعية قول عن الله إجماعاً فيمتنع التخريج؛ لأنه إنما يسأل المفتي عما ثبت من الأحكام عن الله ø، ولا يثبت شيء من الأحكام الشرعية بعد انقطاع الوحي إلا في كتاب الله تعالى، وفي سنة رسوله ÷ بالنَّص أو القياس، والمقلد إذا أفتى بشيء فرعه على نصوص المجتهدين لا يعلم أصولها من الكتاب والسنة - لا سيما مع ما تقدَّم من قاعدتهم في ذلك من غير لزوم البحث عن الناسخ والمخصص، ومن مذهبه في تخصيص العلة فمن أفتى بذلك فقد قال على الله ما لا يعلم، وقد قال تعالى {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ١٦٨ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ١٦٩} قال |: وبلغنا عن بعض العلماء أنَّه قال: إن هذا الحكم الذي يعد أنه مخرج ليس بقول لمن خرج على قوله ولا قول الذي خرجه من قول المجتهد، فحينئذ يكون هذا الحكم لا قائل به، فكيف جرى عليه الأديان والمعاملات.
  وقال (بعض أئمتنا و) بعض (الفقهاء: بل يضاف إليه، وهو المختار) وذلك لأجل ظنّ ذلك من مقصده، وكما يجوز للمجتهد إذا ظن الحادثة أن يضيفها إلى الله وإلى أنه شرعها وإن كانت في الباطن خطأ كذلك يجوز للمخرج إضافة ذلك إلى مذهب المخرج له لظنه ذلك والله أعلم، (لكن) لا مطلقاً، بل (مع التقييد أنه تخريج لئلا يوهم الكذب) لأنه مع الإطلاق يعتقد أنَّه نص، (وليتميز عن نصوصه) فيجب الفرق بين الشيئين بنسبة النص ونسبة التخريج، كما هو عادة الإمام أبي طالب في التحرير، وقد ترك متأخروا أصحابنا الفرق بينهما وكذلك بعض متأخري الشافعية، (وعن ذلك) التخريج (فرعوا الفروع).
  قال القاضي عبد الله: وهذه ورطة تورط فيها الفقهاء برمتهم، إلا من لزم النصوص، ولعل العذر لهم اتساع نطاق الأحكام الشرعية، وقلة النصوص والسنن وأقوال المجتهدين، فلو لم يعتمد على التخريج لاستبهم الأمر في كثير من الأحكام، قال: وهذا القدر يضعف من حيث أن كل حكم فله مستند إما من النصوص القرآنية أو السنة أو أقوال المجتهدين بأماراتٍ شرعية للعالم في قوله، أو التعليل المصرح به والرجوع إلى قضية العقل، فحينئذ فكل حكم له مستند يغني عن التخريج، ولعله وقع إلى علمائنا المخرجين المجتهدين والمقلدين مالم يقع إلينا من الوجه في