فصل: [في بيان الحقيقة الشرعية]
  فلا يدل على أن المراد به كل القرآن؛ لأن القرآن يقال بالاشتراك على مجموعه، وعلى كل بعضٍ منه، لأربعة أوجه:
  أحدها: أنه لو حلف لا يقرأ القرآن، فقرأ آية حنث في يمينه.
  والثاني: أن الدليل يقتضي أن يسمى كلما يقرأ قرآناً؛ لأنه مأخوذ من القراءة والقروء هو الجمع.
  والثالث: أن يقال: هذا كل القرآن، وهذا بعض القرآن، ولو لم يكن القرآن إلا اسماً للكل لكان الأوَّل تكراراً والثاني نقضاً.
  والرابع: قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ٢}[يوسف: ٢]، والمقصود السورة، فثبت أن بعض القرآن قرآن، وإذا ثبت هذا لم يلزم من كون القرآن عربياً كونه بالكلية كذلك.
  (وتكون الحقيقة) الشرعيَّة (متواطئة كالحج) فإنه متواطئ بين الإفراد والقرآن والتمتع.
  (و) تكون (مشتركة كالصلاة) فإنَّها مشتركة بين الخمس والجنازة والعيدين والكسوفين.
  فإن قلت: هل للخلاف ثمرة؟
  قلت: أما في الدينيَّة فثمرته إثبات المنزلة بين المنزلين، فالنافي للدينيَّة نافٍ لها.
  قال السيد |: قال الهادي في كتاب المنزلة بين المنزلتين: أهل الكبائر من أهل الصلاة فساق لا يبلغ فسقهم بهم كفراً ولا نفاقاً.
  وبه قالت المعتزلة: والنفاق دون الشرك.
  ويقال: إن الزيديَّة أو بعضهم يزعمون أن فسقهم قد بلغ بهم الكفر.
  وقالت المرجئة: إنَّ العَامَّة فساق مؤمنون فأخذنا بما أجمع عليهم من فسقهم وتركنا ما اختلف فيه فسميناهم فجاراً فساقاً، وأبرأناهم من الشرك والنفاق.
  وحكى الفقيه عبد الله بن زيد إجماع العترة على نفي المنزلة بين المنزلتين، قال: لكن لا ندري إذا صح ذلك عنهم هل يسمون الفاسق مؤمناً كالمرجئة، أو كافراً كالخوارج، أو منافقاً كما يقول الحسن(١)، أو
(١) هو الحسن بن أبي الحسن البصري، الإمام الزاهد، أحد أعلام التابعين، وعلماء الإسلام، كان إماماً كبير الشأن، عدلياً قوالاً بالحق، آمراً بالمعروف ناهٍ عن المنكر، لقي أمير المؤمنين علياً # وروى عنه، ولقي بعض الصحابة وروى عنهم، توفي (١١٠) هـ، وهو ابن ثمان وثمانين سنة.