الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): النافي للحكم هل عليه أن يقيم الدليل على انتفائه أو لا؟.

صفحة 611 - الجزء 2

(فصل): النافي للحكم هل عليه أن يقيم الدليل على انتفائه أو لا؟.

  فقال (أئمتنا) منهم أبو طالب والقاضي جعفر والشيخ (والجمهور) من العلماء كالشيخين وأبي عبد الله وأبي الحسين والقاضي وأكثر المتكلمين (ويجب الدليل على النافي لحكم عقلي أو شرعي) لكن لا مطلقاً بل إذا كان (غير ضروري) فأمَّا الضروري فسيأتي الكلام فيه في أثناء الاحتجاج فلابد للنافي للحكم عقلي أو شرعي غير ضروري من إقامة الدلالة (كمثبتها) فإنه لا بد له من إقامة الدلالة.

  وقال (بعض الأصوليين: لا يجب) إقامة دليل (فيهما) أي العقلي والشرعي.

  (وقيل: يجب) إقامة الدلالة (على نافي العقلي) كثبوت الذوات في حالة العدم (دون) نافي (الشرعي) كصحة بيع أم الولد.

  لنا: أنه إذا ادعى العلم بالنفي لأمرٍ غير ضروري وجوداً وعدماً، فلا بد له من طريق إليه؛ لأنه لو لم يحتج إلى طريق يفضي إليه لكان ضرورياً والمفروض خلافه، وإنما قلنا: وجوداً وعدماً؛ لأنه لو كان ضرورياً وجوداً كان نفيه بديهي الاستحالة، فلا تسمع دعواه، وإن كان ضرورياً عدماً كان نفيه غنياً عن الدليل.

  قالوا: لو لزم كل مدع لنفي أن يقيم الدليل عليه للزم منكر دعوى الرسالة أن يقيم الدليل على عدم رسالته، وكذلك منكر وجوب صلاة سادسة، وكذلك المدعى عليه المنكر للمدعي عليه، على عدم لزومه له، واللوازم الثلاثة ظاهرة البطلان.

  (و) الجواب: أنما ذكرتم باطل؛ لأنه (إنما يستدل عليه باستصحاب الحال مع انتفاء الدلالة الشرعية المغيرة للنفي الأصلي) وذلك متحقق في مثل ما يدعي عليه، فإن الأصل براءة الذمَّة، فلا يحتاج إلى إقامة دليل آخر، وكذا في منكر دعوى الرسالة ووجوب الصلاة السادسة، للقطع بأن الأصل عدم ذلك.

  (أو) يستدل عليه (بقياس الدلالة) وهو انتفاء اللازم وهو متحقق أيضاً في الصلاة السادسة؛ إذ الإشتهار من لوازمها عادة، وقد انتفى، وكذا في دعوى الرسالة؛ إذ لازمها وجود المعجزة عادة، وقد انتفى، والحاصل منع بطلان اللوازم، فإن الثلاثة مطالبون بالدليل، لكنه مقرر معلوم عند الجمهور، فلا حاجة إلى التصريح به، والفارق قال: الأصل انتفاء الأحكام الشرعية فلا يحتاج إلى دليل عليه.

  قلنا: كون الأصل انتفاؤها دليل على النفي فلا يحتاج إلى دليل آخر، فلا وجه للفرق.