الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب الخامس عشر من أبواب الكتاب باب الحظر والاباحة

صفحة 615 - الجزء 2

  وصوم غير رمضان) استصحاباً للبراءة الأصلية، وهو أنَّ العقل يقضي بعدم وجوبها وبعدم صوم غير رمضان، (وحكم الشرع: كاستصحاب الملك) للشيء (والنكاح والطلاق حتَّى يرد ما يرفع حكمهما) أجمع، فرفع حكم الأوَّل (كالبيع، و) رفع حكم الثاني مثل (الطلاق، و) رفع حكم الثالث مثل (الاسترجاع) فإذا شك في الملك والنكاح والطلاق بعد ثبوتها فلا ينتقل عنها إلا بناقل متحقق إجماعاً كما سبق، وكذلك إذا شك في وقوعها فلا ينتقل عن انتفائها إلا بمتحقق كما سلف تقريره.

  (ومنه) أي ومن حكم الشرع (استصحاب النص والعموم) حتَّى يرد ناسخ أو مخصص (يتمسك بهما المجتهد إن كان ناظراً) أو مناظر، فإن كان ناظراً فعليه أن يعمل على العموم أو النص (حتى يرد) دليل (ناسخ، أو) دليل (مخصص، وعليه البحث عنهما) أي الناسخ والمخصص.

  (وكذا إن) كان (مناظراً) فعليه أن يتمسك بالنصِّ أو بالعموم (لكن على خصمه طلبهما) أي طلب الناسخ أو المخصص، (فإن بينهما قُبِل منه وإلاَّ) يبينهما (انقطع) وتوجه عليه العمل عليهما، وقد منع الشيرازي أن يقال: إن استصحاب النص والعموم من باب الاستصحاب، وقال: هذا استصحاب عموم اللفظ واستصحاب حكم النص، قال: فالإستدلال به استدلالا باللفظ لا باستصحاب الحال، فخالف في تسميته وإن وافق على صحة الإستدلال به، وأنه دليل صحيح، ولذلك قال المصنف: ومنه ولم يعطفه على الأول من غير فصل.

  (وغير معمول به على المختار) من أقوال العلماء (وهو: استصحاب حكم الحالة الأولى في الحالة الثانية المخالفة) للحالة الأولى (لأجل ثبوته قبلها) أي الحالة المخالفة (فقط) لا لدليل غيره، وذلك (كاستصحاب المتيمم لحال الإجماع إذا دخل في صلاته، ثُمَّ رأى الماء فيمضي فيها عند بعض الشافعية) كأبي ثور والمزني والصيرفي، وإليه ذهب داود الظاهري، وذلك (للإجماع على صحتها قبل ذلك) أي قبل رؤية الماء.

  قالوا: ومن رام إيجاب الطهارة بالماء وحكم بعدم صحة الصلاة بعد رؤيته وأن التيمم يبطل بذلك فعليه إقامة الدليل.

  قلنا: الدليل إنما هو الإجماع، والإجماع إنما انعقد بشرط عدم الماء، فإذا كان موجوداً وقد رآه زال الإجماع وبطل، فلم يجز استصحابه في موضع بطلانه.