الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): (واختلف في شرع من قبلنا) هل يلزمنا أو لا؟

صفحة 617 - الجزء 2

  (والمختار: أنما حكاه الله تعالى أو رسوله ÷ من غير إنكار ولا نسخ ولا خصوص فهو حجة) معمول به.

  وقال (الأمير الحسين والحفيد: يحتج بما علم منه) دون مالم يعلم.

  لنا: اتفاق العلماء على الاستدلال بقوله تعالى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}⁣[المائدة: ٤٥]، على وجوب القصاص في ديننا فلولا أنا متعبدون بما قرر لما صح الاستدلال بكون القصاص واجباً في دين بني إسرائيل على كونه واجباً في ديننا.

  وأيضاً: قال ÷: «من نام عن صلاته أو نسيها فليصلها إذا ذكرها»، وتلى قوله تعالى {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ١٤}⁣[طه: ١٤]، وهي مقولة لموسى صلى الله عليه، وسياق هذا الكلام يدل على الاستدلال بقوله تعالى {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ١٤}⁣[طه: ١٤]، على أن عند الذكر يجب الصلاة وإلا لم يكن لتلاوته فائدة، وذلك دلالة الإيماء، ولو لم نكن متعبدين بما حكاه الله تعالى وقرره لما صلح الإستدلال.

  احتج من قال إنه ليس بحجة: بأنا لو تعبدنا بشرع من قبلنا لرجعت الصحابة إلى الكتب السابقة لا إلى القياس، فلما لم يرجعوا إليها بل آثروا القياس عليها، دل على عدم تعبدنا بشيء منها.

  قلنا: أما ما حكاه الله أو رسوله وقرره فلا نسلم أنهم رجعوا إلى القياس مع وجدانه، وأمَّا غير ذلك فمسلم.

  قالوا: انعقد الإجماع على أن شريعته ناسخة الشرائع، وذلك في ينافي تعبدنا بها.

  قلنا: هي ناسخة لما خالفها؛ لأنها غير ناسخة لجميع الأحكام قطعاً، وإلا وجب نسخ وجوب الإيمان وتحريم الكفر لثبوتهما في تلك الشرائع.

  احتج من قال أنه حجة: باستحجاج السلف بذلك، يدل عليه استحجاج فاطمة بقوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ}⁣[النمل: ١٦]، وتعلم السلف للكتب السالفة، فإنه روي أن وهباً قرأ من الكتب سبعين كتاباً، ولم ينكر عليه، فلو لم نكن متعبدين بشرع من قبلنا لأنكر عليه؛ إذ لا فائدة في قراءتها إلا استفادة الأحكام.

  قلنا: استحجاج فاطمة بما حكاه الله تعالى وتعلم السلف لها يجوز أن يكون لفائدة غير استفادة الأحكام منها، وأيضاً فهو معارض بإنكار النبي ÷ على عمر لما رآه يطالع في التوراة.

  احتج من قال: أنا متعبدون بشرع إبراهيم: بقوله تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ}⁣[المؤمنون: ٧٨].