الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [فيما يعلم بالعقل وبالشرع وبهما معا]

صفحة 620 - الجزء 2

  والعلم بأنه غني عن فعل القبيح يترتب على العلم بكونه حياً لا تجوز عليه الحاجة، واستحالة جواز الحاجة عليه لا تكون إلا باستحالة المنفعة والمضرة، ولا يستحيل ذلك عليه مالم نعلم استحالة جواز اللذة والألم وتوابعها، ولا نعلم استحالة ذلك عليه إلا بعد العلم باستحالة مشابهته للمحدثات.

  وكذا المهدي في الدرر نص على أن مسألة نفي التجسيم مما لا يستدل عليه بالسمع، قال: إذ مع تجويز كونه جسماً لا يكمل العلم بكونه عالماً لذاته، فيستحيل العلم بالعدل، فيقف صحة السمع على العلم بها.

  وكذا السيد ما نكديم نص عليه فيها، قال: لأنا ما لم نعلم القديم تعالى عدلاً حكيماً لا نعلم صحة السمع، ومالم نعلم أنه غني لا تجوز عليه الحاجة لا نعلمه عدلاً، وما لا نعلم أنه ليس بجسم لا نعلمه غنياً.

  ومن وجهٍ آخر: وهو أنا مالم نعلمه عالماً لذاته لا نعلمه عدلاً، والجسم يستحيل أن يكون عالماً لذاته.

  [قال البكري في شرح المنهاج: أراد أنه قد ثبت كونه قادراً عالماً لذاته، غنياً لا تجوز عليه الحاجة، وهذه الأركان هي التي يبتني الإستدلال بالسمع عليها، فيصح الإستدلال بالسمع على نفي التجسيم من هذا الوجه، ولا يصح من جهة الإلزام، لأنه إذا كان جسماً يستحيل كونه قادراً عالماً لذاته، ويجوز عليه ما يجوز على الأجسام من الحاجة والجهل والعجز. انتهى]⁣(⁣١).

  وقال (أبو رشيد، و) هو (أحد قولي الشيخ) الحسن: (بل يصح) الاستدلال عليها بالشرع، بناء على أنه ليس استدلالاً بفرع الشيء على أصله.

  و (أحد قولي الشيخ: يصح) الاستدلال عليها بالسمع (في الأولين) وهما موجود ونفي التشبيه، (دون الثالثة) وهي مسألة حي.

  قال القاضي عبد الله: ويلزم الشيخ أنه لا يصح الاستدلال بالسمع على كونه موجوداً، لأن من مذهبه أن الوجود ذات الموجود، وذات الله تعالى لا يصح الإستدلال على إثباتها بالسمع. انتهى.

  وقال (الحفيد: يمتنع) الاستدلال بالسمع (في مسألتي موجود وحي) لأن مذهبه أن الوجود والحياة نفس الذات وليس بأمرٍ زائد عليها، (ويصح) الاستدلال بالسمع (في نفي التشبيه، نظراً) أي من المستدل، (لا إلزاماً) لغيره، فإنه يلزم عليه نفي السمعيات وما تنبني عليه.

  وقال (بعض المتأخرين: يصح) الاستدلال بالسمع (على نفي التشبيه مطلقاً) أي نظراً وإلزاماً، (وأمَّا موجود وحي فإن جعلا وصفاً زائداً على الذات كما يقوله بعض أئمتنا والبهاشمة جاز)


(١) ما بين القوسين ساقط من الأصلية، وهو مصحح في هامش النسخة (أ).