الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [فيما يعلم بالعقل وبالشرع وبهما معا]

صفحة 621 - الجزء 2

  الاستدلال عليها بالسمع، (وإن جعلا نفس الذات كما يقوله أكثر أئمتنا والملاحمية لم يجز)، وذلك لأن ذات الباري لا يصح الاستدلال عليها بالسمع.

  (وأمَّا نفي الرؤية و) نفي (الثاني) لله تعالى (فيجوز ذلك) أي الاستدلال عليه بالسمع؛ إذ صحة السمع لا تقف على ذلك، يبين ذلك: أن أحدنا يمكنه أن يعلم أن للعالم صانعاً حكيماً، وإن لم يخطر بباله أنه هل يرى أم لا، ولهذا لم يكفر من خالفنا في هذه المسألة لما كان الجهل بأنه تعالى لا يرى لا يقتضي جهلاً بذاته ولا بشيء من صفاته، هذا في نفي الرؤية.

  وأمَّا في نفي الثاني: فلأنه إذا ثبتت حكمته فلو كان معه حكيم آخر لم يجز أن يرسلا أو يرسل أحدهما من يكذب، فإذا أخبر الرسول أن الإله واحد لا قديم سواه علمنا صدقه.

  (خلافاً لبعضهم) فزعم أنه لا يستدل عليها بالسمع، والحاصل أنَّ الذي يقف صحة السمع عليه كما تقدم، وكمسألة أنه لا يخل بالواجب مطلقاً؛ لأنه من مسألة العدل والحكمة، والذي لا يقف كالصفة الأخص عند مثبتها ونفي الرؤية ونفي الثاني وكونه مدركاً ومريداً وكارهاً من مسائل التوحيد، وكالاستدلال على أن الله يثيب المطيعين، ويعوض المؤلمين، ويلطف بالمكلفين، وينصف للمظلومين، وأنَّ القرآن كلام الله، وأنه محدث، وكالإستدلال على وجوب ما يجب على الله كإثابة المطيعين وعوض المؤلمين من مسائل العدل الإثباتية، وكمسائل الوعد والوعيد، وأما مسائل النفي في باب العدل ما خلا كونه لايفعل القبيح ولا يخل بالواجب جملة، ففيها كلام مختلف:

  فإطلاق قاضي القضاة: جواز الاستدلال عليها بالسمع.

  وذكر السيد في شرح الأصول وابن متويه: أن ذلك لا يجوز.

  ومسائل النفي منه هي كمسألة نفي أفعال العباد عن الله، ومسألة أنه لا يعذب بغير ذنبٍ، ولا يثيب بغير عملٍ، ولا يكلف ما لا يطاق، ولا يريد القبيح، ولا يكره الطاعات ونحو ذلك، وبقية المسائل المختلف فيها، قد ذكرها السيد، وقد عرفت مبنى الخلاف.

  (وصحة الاستدلال على الجميع بالعقل ظاهرة) كما هو معروف في علم الكلام، إنما النزاع في صحة الاستدلال بالسمع.