الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في تعارض الأدلة الظنية]

صفحة 627 - الجزء 2

  قوله (أحد المتعارضين): احتراز عن تقوية الدليل الذي لا معارض له، وقوله: (الظنيين) احتراز من القطعيين، فإنه لا تعارض فلا ترجيح، وكذا المعلوم والمظنون، وسيجيء الكلام فيها إن شاء الله تعالى.

  (وفائدته: العمل على أرجحهما، وهو جائز، وواقع إجماعاً) كما ستعرفه، (ورواية منعه عن أبي عبد الله باطلة) لأن إخوانه من المعتزلة البصرية والبغداديَّة أعرف الخلق بمذهبه فما نقل ذلك عنه منهم أحد، هكذا ذكره الفقيه قاسم، ومثله ذكر الإمام، وحكى الجويني أنه بحث عنها في مصنفاته فلم يجدها مع شدة بحثه عنها، وذكر أن ذلك مشهور من جهة الباقلاني.

  نعم، وحكى في المحصول عن قوم إنكاره.

  لنا: أنه فهم إيثاره من الصحابة وغيرهم وعلم قطعهم بتكرره في الوقائع المختلفة التي لا حاجة إلى تعددها، لكونه معلوماً قطعاً لمن فتش عن مجاري اجتهاداتهم.

  واعترض عليه: بشهادة أربعة مع شهادة اثنين إذا تعارضتا، فإن الظن الحاصل بالأربعة أقوى من الحاصل بالاثنين، فكان يجب أن يقدم ولا يقدم.

  وأجيب: بالتزام تقديم شهادة الأربعة عند التعارض؛ لأنه مختلف فيه، وبالفرق بين الشهادة والدليل، فليس كل ما ترجح به الأدلَّة ترجح به الشهادة لما ستقف عليه إن شاء الله تعالى من وجوه غير محصورة من الترجيح للأدلَّة لا ترجح بها الشهادة.

  وقيل: وجه الفرق أن المقصود من الشهادة فصل الخصومات وضبطه بنصاب معين، فاعتبار الكثرة فيها يفضي إلى نقض الغرض وتطويل الخصومات بخلاف الأمارة، فإن المقصود منها الظنّ، فكلما كان الظن أقوى كان بالاعتبار أولى من غير ضرورة إلى اعتبار ضبطه.

  قالوا: قوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا} وقوله #: «نحن نحكم بالظاهر» يقتضي إلغاء زيادة الظن.

  قلنا: ما ذكرتموه دليل ظني وما ذكرناه قطعي، والظني لا يعارض القطعي، إذا عرفت هذا توضح لك أن في المسألة خلافاً، ولعل المصنف في دعواه الاتفاق لم يعتد به.

  (و) الترجيح (إنما يصار إليه عند تعذر الجمع) بينهما ولو (بوجه مّا)، لأن الإعمال في الدليل هو الأصل والإهمال خلافه، ثُمَّ إن الجمع قد يكون من وجوه: