الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في طرق الترجيح في السند]

صفحة 629 - الجزء 2

  (ووجوه الترجيح حصلت بقاطعةٍ، بل هي محل اجتهاد تختلف بحسب اختلاف أحوال المجتهدين) فلهذا يغلب على ظن بعض المجتهدين ما لا يغلب على ظن الآخر، وحينئذ فيحتاج إلى الترجيح.

  (ويكون الترجيح بين منقولين كنصين، أو معقولين كقياسين، أو منقول ومعقول كنص وقياس، ثُمَّ المنقول إن أوصل إلى تعريف أمر مفرد كماهية الصلاة ونحوها) الزكاة وغير ذلك من الشرعيات (فهو الحد الشرعي، وأن أوصل إلى تعريف أمرٍ مركب فهو الدليل الشرعي، وتقدمُ الأوَّل) وهو الموصل إلى تعريف أمر مفرد (على الثاني) وهو الموصل إلى تعريف أمرٍ مركب (طبعاً) لأن الأوَّل يوصل إلى التصور، والثاني يوصل إلى التصديق، والتصور مقدم على التصديق بالطبع، (فيقتضي تقديمه عليه وضعاً، لكن لما كان يعلم الترجيح في الثاني) وهو ترجيح الأدلة لكونه الأغلب في المباحثات النظرية والمطارحات الفقهية دون الحدود، ولهذا لم يدون في كتابٍ ولا اعتنى به أحد من الطلاب لا جرم أنه (يقدم) الكلام عليها فقال:

(فصل): [في طرق الترجيح في السند]

  (والمنقولان) أي الموصلان إلى تعريف أمرٍ مركب وما تقدم من تقسيم المنقول ووجه تقييم القسم الثاني منه قرينة على أن المراد القسم الثاني منه، وإذا كان كذلك فاعلم أنه (يكون الترجيح بينهما في: السند) وهو طريق ثبوته، (والمتن) وهو باعتبار مرتبة دلالته، (والحكم) المدلول عليه من الحرمة والإباحة، (وفي) ما ينضم إليه من (أمرٍ خارج) فهذه أربعة أصناف:

  (فا) لصنف الأول: ا (لسند) ويكون ترجيحه بسبعة وثلاثين وجهاً:

  الأوَّل: (كثرة الرواة) بأن يكون رواه أحدهما أكثر عدداً من رواة الأخر، فما رواته أكثر يكون مقدماً، (لقوة الظن)، لأن العدد الأكثر أبعد عن الخطأ من العدد الأقل؛ ولأن كل واحد يفيد ظناً، فإذا انضم إلى غيره قوي حتَّى ينتهي إلى المتواتر المفيد لليقين، (خلافاً للكرخي) كما في الشهادة.

  قلنا: ليس كلما ترجح به الرواية ترجح به الشهادة، فالرواية حينئذ (بخلاف الشهادة) فإنه لا ترجيح فيها بكثرة العدد، وقد خالف مالك في هذا ورواية الخلاف عند الكرخي هي رواية المختصر والآسنوي وغيرهما ورواية الجوهرة عنه خلاف هذا، وحكى الخلاف عن بعضهم.

  (و) الثاني: (بقلة الوسائط) وهو علوّ الإسناد، فإذا كان أحد الخبرين المتعارضين أقل وسائط كان مقدماً على الآخر؛ لأن احتمال الغلط والكذب فيه أقل.