الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في طرق الترجيح في السند]

صفحة 630 - الجزء 2

  (و) الثالث: أن تكون أحد الراويين راجحاً على الآخر في وصف يغلب ظن الصدق كأن يكون (بزيادة الفطنة) كابن عباس وأبي هريرة مثلاً، (أو) بزيادة (الثقة) بقوله وهي بالكسر مصدر كالعِدَة والمِقَة، وبالفتح الراوي، قال بعضهم: ثقة مصدر يثق - بالكسر -، فمهما فتحت عينه فمعناه عدل الرواية، [فيرجح] علي # وعمار على رواية أبي هريرة، (أو الورع) بأن يكون أحد الراويين متجوزاً عما فيه شبهة الحرام دون الثاني، وذلك (كأهل البيت) فإنها ترجح روايتهم على غيرهم، بهذا ترجح رواية الهادي عن آبائه وزيد بن علي عن آبائه على غيرهم، كما في خبر حد السرقة، وقيمة المجن الذي قطع النبي ÷ يد سارقه، (سيما الأربعة) علي وفاطمة وابناهما للقطع بصدق المعصوم، ونظره المهدي لجواز الصغيرة، وفي النظر نظر؛ لأن الكذب في الشهادة والرواية لا يجوزان على المعصوم إلا على جهة السهو.

  (و) الرابع: إذا كان أحد الراويين فقيهاً والآخر غير فقيه، فإنه يرجح (الفقيه على غير الفقيه وإن لم تكن الرواية بالمعنى) وزعم قوم أنه لا يرجح إلا في خبرين مرويين بالمعنى، وهذا فاسد؛ لأن الفقيه يميز بين ما يجوز وما لا يجوز، فإذا حضر المجلس وسمع ما لا يجوز أن يحمل على ظاهره بحث عنه وسأل عن مقدماته وسبب نزوله فيطلع على ما يزول به الإشكال بخلاف العامي، فإنه يقبل القدر الذي سمعه، وربما كان ذلك القدر وجده سبباً للضلال.

  (و) الخامس: إذا كان أحد الراويين عالماً بالعربية والآخر غير عالم فإنه يرجح (العالم بالعربية على غير العالم)، لأن الواقف على اللسان يتمكن من التحفظ عن مواقع الزلل مالا يقدر عليه غير العالم بها.

  قال الرازي: ويمكن أن يقال: بل هو مرجوح لأن الواقف على اللسان يعتمد على معرفته فلا يبالغ في الحفظ اعتماداً على خاطره، والجاهل باللسان يكون خائفاً فيبالغ في الحفظ، قال في الحاوي: إذا كان أحد الراويين إمعة والآخر فقيهاً فإنها ترجح رواية الإمعة على الفقيه لمثل ما ذكرنا في ترجيح الفقيه على غيره.

  (و) السابع: إذا كان أحدهما أعلم بها والآخر عالماً بها، فإنه يرجح (الأعلم بها على العالم بها) لأن الوثوق بقول الأعلم.

  (و) الثامن: إذا كان الراوي من أئمة الأثر والآخر من غيرهم، فإنه يرجح (أئمة الأثر على غيرهم) لأنهم أعرف بطريق الرواية وشرائطها.