الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب السادس عشر وهو اخر أبواب الكتاب باب التعادل والترجيح

صفحة 633 - الجزء 2

  الاعتناء بالحديث والاهتمام بأمره، وإنما رجح هنا لشدة الوثوق بخبره، ولو كان زيادة الضبط بأن يكون أكثر حرصاً على مراعاة كلماته وحروفه، قال في المحصول: فلو كان أحدهما أكثر ضبطاً لكنه أكثر نسياناً والآخر بالعكس، ولم يكن قلة الضبط وكثرة النسيان بحيث يمنع من قبول خبره، فالأقرب التعارض، وقد قيل: إن كثرة الضبط هي عدم النسيان، وكلام المصنف يأباه، وكذلك كلام الرازي.

  (و) العشرون: إذا كان أحدهما جازم والآخر غير جازم فإنه يرجح (الجازم على الظان) كأن يقول أحدها أقطع أني سمعته ويقول الآخر أظن فإنه يرجح الأول، ووجه ذلك ظاهر.

  (و) الواحد والعشرون: إذا كان أحد الراويين قد اختلط والآخر لم يختلط فإنه يرجح (من لم يختلط) عقله في بعض الأوقات (على من اختلط) في بعضها، (ولم يعلم هل الرواية عنه في حال سلامته أو اختلاطه) هكذا شرطه الرازي.

  قلت: وذلك لأنه إذا علم أن الراوي رواه في حال عدم الاختلاط فإنه يستوي حاله هو والذي لم يختلط بخلاف ما إذا التبس الحال، فإنا نجوز أنه رواه وقت اختلاط عقله فيضعف الوثوق بروايته.

  (و) الثاني والعشرون: إذا كان أحدهما ذا حفظ والآخر ذا كتابة فإنه يرجح (ذو الحفظ على ذي الكتابة) لاحتمال أن يزيد صاحب الكتابة في كتابته أو ينقص واحتمال النسيان والاشتباه في الحافظ كالعدم.

  (و) الثالث والعشرون: إذا كان أحدهما معتمداً على الخط مع الذكر والآخر ليس كذلك فإنه يرجح (المعتمد على الخط مع الذكر) للحديث (على المعتمد على الخط وحده) لما ذكرنا في الأول مع زيادة الحط.

  (و) الرابع والعشرون: إذا كان أحد الراويين كبيراً والآخر غير كبير فإنه يرجح (الكبير على الصغير) عند من يقبله لزيادة الوثوق بخبره. قال الإمام: فرواية الكبير لا شك في كونها راجحة على رواية الصغير.

  (و) الخامس والعشرون: إذا كان أحدهما متأخر الإسلام والآخر متقدمه فإنه يرجح (متأخر الإسلام على متقدمه) لأن تأخر الإسلام دليل على تأخر روايته، هكذا ذكره البيضاوي وصاحب الحاصل، قال الآسنوي وابن الحاجب: قلت: ذكره في الترجيح بأمر خارج.

  (وقيل: عكسه) أي يرجح متقدم الإسلام على متأخره، وهو قول الآمدي، وهو في المختصر في الترجيح بحسب الراوي، قيل: هو تناقض، والصحيح لا تناقض كما ذكره صاحب الغيث الهامع، وذلك أنهما جهتا ترجيح الأول بحسب الأمر الخارجي، والثاني باعتبار سند الحديث، ومزية المتقدم