الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب السادس عشر وهو اخر أبواب الكتاب باب التعادل والترجيح

صفحة 636 - الجزء 2

  أن من لم تظهر عدالته إلا لرجل واحد يكون مرجوحاً بالنسبة إلى من ظهرت عدالته لكل واحد، لاحتمال أن يكون قد يخفى حال الرجل على إنسان واحد، ولكن يبعد أن يخفى حاله عن الكل، فثبت أن المسند أولى.

  احتج ابن أبان: بأنَّ الفقيه لا يقول: قال رسول الله ÷ فيحكم عليه بالتحليل والتحريم، ويشهد به إلا وهو قاطع أو كالقاطع بذلك، خلاف ما إذا أسند فإنه لم يحكم على ذلك الخبر بالصحَّة ولم يرد على حكاية أن فلاناً زعم أن رسول الله ÷ قال ذلك.

  قلنا: الراوي إذا قال ذلك فإنه لا يمكن إجراؤه على ظاهره؛ لأنه يقتضي الجزم بصحة الخبر الواحد وهو جهل، فوجب حمله على الظن، وإذا كان كذلك فالإسناد أولى لما ذكرناه.

  قالوا: قال الحسن: إذا حدثني أربعة نفر من أصحاب رسول الله ÷ زكيتهم، وقلت: قال رسول الله ÷، أخبر عن نفسه أنه لا يستجيز هذا الإطلاق إلا عند فرط الوثوق، والجواب واحد.

  احتج الشيخ: بأن المعتبر في قبول الرواية عدالة الراوي وضبطه ونحو ذلك والفرض تساويهما فيها، وقد قُبل كل منهما عند الإنفراد فلا يكون لأيهما على الآخر مزية فيكونان بالسويَّة.

  فقلنا: ثبتت المزية بما قدمنا.

  احتج الحفيد: بأنه إذا لم يدع عدالة رواتِه فإنه يتطرق إليه من السهو والذهول عن حال من يروى ما لا يتطرق إلى المرسل بخلاف ما إذا ادعى العدالة فإنه ينبي عن عدم سهوه وتحققه لعدالة من ذكرناه.

  نعم، وهذا الخلاف متفرع على قول من يقبل المراسيل فقط، فأمَّا من لا يقبلها، فإذا كان لا يعتبر مع الانفراد فبالطريق الأولى مع المعارضة.

  (و) الخامس والثلاثون: أن يكون أحدهما مرسل من لا يرسل إلا عن عدلٍ والآخر ليس كذلك، فإنه يرجح (مرسل من لا يرسل إلا عن عدلٍ على مرسل من ليس كذلك) لاحتمال أن يرسل عن غير عدل.

  (و) السادس والثلاثون: أن يكون أحدهما مرسل التابعي والآخر مرسل غيره، فيرجح (مرسل التابعي على غيره) تابع التابعي، والسبب فيه يعرف مما سبق.