(فصل): [في طرق الترجيح في المتن]
  (و) السابع والثلاثون: أن يكون أحدهما متواتر المتن ظني الدلالة والآخر ظنيهما، فإنه يرجح (متواتر المتن ظني الدلالة على ظنيهما) لزيادته على ذلك مع استوائهما في الظَّن بصحة متن الحديث، إما قطعي الدلالة ظني المتن فالأرجح ترجيحه على ظنيها قطعية.
  (و) الثامن والثلاثون: ويختص بما روي بالآحاد وهو أن يكون أحدهما (مالم تعم به البلوى) فيقدم على ما تعم به البلوى، للخلاف (في) قبول (الآحاد) في مثله.
  فإن قيل: معلوم أن جميع وجوه الترجيح إنما يكون فيما هو من قبيل الآحاد؛ إذ لا تعارض بين المتواترين ولا بين متواتر وآحاد كما قررتم.
  قلنا: قد يكون التواتر ظني الدلالة فيقع فيه التعارض كما ذكرنا.
  (و) التاسع والثلاثون: أن يكون أحدهما قد التبس اسم راويه بضعيف والآخر ليس كذلك، فإنه يرجح (مالم يلتبس اسم راويه بضعيف على ما ليس بضعيف)، كعيسى بن ميمون مولى قاسم بن محمد، وعيسى بن ميمون المعروف بابن داية، وهذا أوثق من الأول روى عنه الثوري، وإنما كان عدم الملتبس أولى لأنه أغلب على الظن مما التبس.
(فصل): [في طرق الترجيح في المتن]
  (و) الثاني: وهو (المتن) ويكون باثنين وعشرين وجهاً:
  الأوَّل: قوله (كالنهي) فإنه مقدم (على الأمر) لأن أكثر النهي لدفع مفسدة وأكثر الأمر لجلب منفعة، واهتمام العقلاء بدفع المفسدة أشد؛ ولأن النهي للدوام دون الأمر، وذلك أن أكثر من قال بالخروج عن العهدة في الأمر بالفعل مرة واحدة نازع في النهي ولقلة محامل لفظ النهي، إمَّا بحسب ما يستعملان فيه من المعاني الحقيقية والمجازية على ما ذكر في موضعه من أن الأمر يستعمل في ستة عشر معنًى والنهي في ثمانية، وأمَّا بحسب الحقيقة فلما ذكر الآمدي أن النهي يتردد بين التحريم والكراهة والأمر بين الوجوب والندب والإباحة على بعض الآراء.
  (و) الثاني: أن يكون مدلوله أمراً ومدلول الآخر إباحة فيقدم (الأمر على الإباحة) للاحتياط، وقوله (في الأصح) إشارة إلى خلاف الآمدي، فإنه زعم أن الأمر وإن كان يرجح على المبيح نظراً إلى أنه إن عمل به لا يضر مخالفة المبيح، ولا كذلك العكس لاستواء طرفي المباح، ويرجح جانب المأمورية، إلاَّ أن المبيح يترجح من أربعة أوجه: