(فصل): [في طرق الترجيح في المتن]
  الأوَّل: أن مدلول المبيح متحد ومدلول الأمر متعدد كما سبق.
  الثاني: أن غاية ما يلزم من العمل بالمبيح تأويل الأمر بصرفه عن محمله الظاهر إلى محمله البعيد، والعمل بالأمر يلزم منه تعطيل المبيح بالكلية، والتأويل أولى من التعطيل.
  الثالث: أن المبيح قد يمكن العمل بمقتضاه على تقدير مساواته للأمر، وعلى تقدير رجحانه، والعمل بمقتضى الأمر متوقف على الترجيح، وما يتم العمل به على التقديرين أولى مما لا يتم العمل به إلا على تقدير واحد.
  الرابع: أن العمل بالمبيح بتقدير أن يكون الفعل مقصوداً للمكلف، لا يخل لكونه مقدوراً له، والعمل بالأمر يوجب الإخلال بمقصود الترك، بتقدير كون الترك مقصوداً، ومعنى إمكان العمل بالمبيح على تقدير مساوَاته للأمر هو أنهما إذا تساويَا تساقطا، وبقي كل من الفعل والترك على جوازه الأصلي.
  قال سعد الدين: ولا يخفى أن هذا إنما هو على تقدير ألا يسبقه إيجاب أو تحريم.
  (و) الثالث: أن يكون مدلوله نهياً والآخر إباحة، فإنه يقدم (النهي على الإباحة) لأن ما دل على ترجيح الأمر على الإباحة وهو الاحتياط دل على ترجيح النهي عليها.
  (و) الرابع: أن يكون أحدهما أقل احتمالاً لغير المطوب (فيرجح الأقل احتمالاً على الأكثر) كالمشترك بين ثلاثة معانٍ على المشترك بين معنين؛ إذ احتماله لغير المطلوب منهما أكثر من احتمال ذي المعاني، فتضعف دلالة ذي المعاني عليه بخلاف ذي المعنيين.
  (و) الخامس: أن يكون حقيقة والأخرى مجازٍاً فيقدم (الحقيقة) سواء كانت (شرعية أو عرفية أو لغوية على المجاز) لأن النص المستعمل في معناه بطريق الحقيقة لا يفتقر إلى القرينة المخلة بالتفاهم، بخلاف المستعمل بطريق المجاز.
  (و) السادس: أن يكون حقيقة شرعية والآخر حقيقة عرفية أو لغوية (فتقدم الشرعية على العرفية واللغوية) لأن النبي ÷ بعث لبيان الشرعيات فالظاهر من حاله أنه يخاطب بها، ولهذا فإن نجوز بنت مطلقة يتعين الطلاق وإن احتمل تخليصها من القيد.
  (و) السابع: أن يكون حقيقة عرفية والآخر حقيقة لغوية فتقدم (العرفية على اللغوية) لاشتهار العرفية وتبادر معناها.