الباب السادس عشر وهو اخر أبواب الكتاب باب التعادل والترجيح
  (و) الثامن: أن يكونا مجازين إلا أن أحدهما أقوى بأحد الأشياء المذكورة فيقدم (المجاز على المجاز) لقوته: إما (لقرب جهته) من الحقيقة دون الآخر كنفي الصحَّة فإنه أقرب إلى سلب الذات من نفي الكمال في قوله ÷: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب»، (أو) وجه (رجحان دليله) من الأمور التي تذكر في معرفة المجاز لكونه ثبت بالنص الواضح أو بصحة النفي، والآخر بعدم الإطراد وبعدم صحة الاشتقاق، (أو شهرته) دون الآخر نحو: من تغوط فعليه الوضوء، من تبرز فلا وضوء عليه، فإن لفظ الغائط أشهر في الحدث من البراز.
  (و) التاسع: إذا كان أحدهما مجازاً والآخر مشتركاً فإنه يقدم (المجاز على المشترك في الأصح كما تقدم) في مقدمة الكتاب، قال القزويني(١): وليس هذا من تعادل الأدلة، وإنما من تعارض الدلالة.
  (و) العاشر: إذا كان أحدهما مؤكد الدلالة والآخر ليس كذلك فإنه يرجح (مؤكد الدلالة على ما ليس كذلك) لكونه أقوى دلالة وأغلب على الظن نحو قوله ÷: «أيما امرأة أنكحت نفسها بغير أذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل» مع قوله: «الأيم أحق بنفسها من وليها».
  (و) الحادي عشر: إذا كان أحدهما يدل بمنطوقه والآخر بمفهومه فإنه يرجح (الدال بمنطوقه على الدال بمفهومه) ووجه ذلك ظاهر.
  (و) الثاني عشر: إذا تعارض (مفهوم الموافقة) ومفهوم المخالفة، فإنه يقدم مفهوم الموافقة (على مفهوم المخالفة) لأن مفهوم الموافقة أقوى، ولهذا لم يقع فيه اختلاف، بل ألحق بالقطعيات وقوله (على الأصح) إشارة إلى ما قال الآمدي من أنه يمكن ترجيح مفهوم المخالفة بوجهين:
  الأوَّل: أن فائدته التأسيس وفائدة مفهوم الموافقة التأكيد، والتأسيس أصل والتأكيد فرع.
  الثاني: أن مفهوم الموافقة لا يتم إلا بتقدير فهم المقصود من الحكم في محل النطق وبيان وجوده في محل السكوت، وأن اقتضائه للحكم في محل السكوت أشد، وأمَّا مفهوم المخالفة فإنه يتم بتقدير عدم فهم المقصود من الحكم في محل النطق وبتقدير أن لا يكون له أولى، بإثبات الحكم في محل السكوت، وبتقدير أن يكون له معارض في محل السكوت.
(١) هو عبد الغفار بن عبد الكريم القزويني، صاحب المؤلفات المشهورة، توفي سنة (٦٦٥) هـ.