الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب السادس عشر وهو اخر أبواب الكتاب باب التعادل والترجيح

صفحة 640 - الجزء 2

  قال سعد الدين: ولا يخفى أن ما يتم على تقدير كونه غير متحقق في محل السكوت وبتقدير أن لا يكون له أولى بإثبات الحكم في محل السكوت وبتقدير أن يكون له معارض في محل السكوت. قال سعد الدين: ولا يخفى أن ما يتم على تقديرات أربعة أولى مما يتم على تقدير واحد. انتهى.

  ومثاله: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا}⁣[الإسراء: ٢٣]، مع ما لو قيل لا تقتلهما مالم يقصدا قتلك.

  (و) الثالث عشر: إذا احتمل أن يكون الخاص منسوخاً بالعام المتأخر، واحتمل أن يكون العام مخصصاً بالخاص المتقدم فإنه يرجح (تخصيص العام المتأخر على نسخ الخاص المتقدم) أي الحكم بنسخه؛ لأن فيه أخذاً بالدليل أي الحكم بتخصيصه.

  (و) الرابع عشر: إذا كان أحدهما مما مالم يخص والآخر قد خص فإنه يرجح (العام الذي لم يخص) على (ما خص) لأن الأول كالبناء المرصوص، والثاني كالبناء المنقوض، مثالُه الصبي المرتد لا يقتل لردته مع ما لو قيل كل مرتد يقتل، فإنه قد خص بالمرأة المرتدة.

  (و) الخامس عشر: إذا كان أحد الخبرين مقيداً والآخر مطلقاً، فإنه يرجح (المقيد على المطلق) لأنه أقوى في الدلالة على ما تضمنه من دلالة المطلق عليه.

  مثاله: لو ورد: لا تقتلوا أهل الذمة، وورد بعده: اقتلوا المشركين، فإن الحكم بعدم قتل أهل الذمَّة، أولى.

  (و) السادس عشر: إذا كان أحد المتعارضين إجماعاً ظنياً والآخر نصاً كذلك فإنه يرجح (الإجماع على النص الظنيين)، لأن الإجماع مأمون فيه النسخ بخلاف النصّ كالإجماع على منع بيع أمهات الأولاد، مع حديث أبي سعيد الخدري كنا نتبايعهن على عهد رسول الله ÷.

  (و) السابع عشر: إذا كانا إجماعين ظنيين لكن أحدهما متقدم والآخر متأخر، فإنه يرجح (الإجماع الظني المتقدم على الإجماع الظني المتأخر) إذ لو كان الإجماع السابق قطعياً وجوده لما تحقق بعده إجماع أحد على خلافه، لعدم خفائه على أهله، بخلاف الإجماع الثابت بنقل الآحاد، فإنه يمكن خفاؤه، فيمكن حدوث إجماع آخر بعده بخلافه.

  مثاله: ما يرويه أصحاب أبي حنيفة من إجماع الصحابة والتابعين على وجوب الضمان في الرهن إذا تلف عند المرتهن، فإن روت الشافعية إجماعاً آخر ممن بعدهم على كونه أمانة عند المرتهن رجح الأول على الثاني لقربه من عهد الرسول ÷ وبُعده عن الخطأ لقوله ÷: «خير القرون قرني الذي أنا فيه ثُمَّ الذي يليه» الحديث.