الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

الباب السادس عشر وهو اخر أبواب الكتاب باب التعادل والترجيح

صفحة 641 - الجزء 2

  (و) الثامن عشر: إذا كان المتعارضان يدلان بالاقتضاء لكن أحدهما بضرورة الصدق والآخر ليس كذلك فإنه (يرجح دلالة الاقتضاء بضرورة الصدق على ضرورة الوقوع شرعاً) لأن الصدق أهم من وقوعه شرعاً.

  مثاله: قوله ÷: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» مع ما لو قال: إذا قلت لزيد وأنت مكره أعتق عني عبدك على ألف لزمك للمعتق، فإن مقتضى الأولى لضرورة صدق الصادق عدم لزوم البيع لكونه مكرهاً، ومقتضى الثاني لتوقف العتق على تقدير الملك، هو لزوم البيع شرعاً، فيرجح الأوَّل بما قلنا.

  (و) التاسع عشر: إذا كان أحد المتعارضين يدلان بالإيماء فإنه يرجح (في الإيماء بانتفاء العبث) أو الحشو في كلام الشارع (على غيره) من أقسام الإيماء، فإذا تعارض إيماءآن، وقد عرفت أن الإيماء اقتران الوصف المدعى كونه علة بحكم من الشارع لولم يكن ذلك الوصف أو نظيره للتعليل لكان بعيداً من الشارع الإتيان بذلك الحكم، فإذا كان البعد إلى حيث يلزم عبث أو حشو كان أبعدهما إذا لزم كون ما بعد الفاء غير علة أو كون ما ترتب عليه الحكم غير علة إلى غير ذلك من أقسام الإيماء.

  مثاله: قوله ÷: «اعتق رقبة» لمن قال: واقعت أهلي في نهار رمضان، مع ما لو قال للمواقع في نهار رمضان: لا تعتق رقبة، وكما لو قال: لا يعتق الصائم رقبة وهو مواقع، وذلك لأن الأول لو لم يحمل على التعليل لزم العبث وهو الاشتغال بما هو غير مقصود، أو الحشو وهو إيراد ما هو غير مقصود وكلاهما منتفٍ على كلام الشارع.

  (و) العشرون: إذا كان أحد المتعارضين يدل بالاقتضاء والآخر بالإشارة أو الإيماء أو المفهوم فإنه يرجح (دلالة الاقتضاء على الإشارة و) على (الإيماء و) على (المفهوم) موافقة ومخالفة، وهذه ثلاث ترجيحات:

  أمَّا الأوَّل: فلأنه يدل بقصد المتكلم بخلاف الإشارة، مثاله مالو قلت: من أصبح جنباً في رمضان فعليه قضاء ذلك اليوم، مع قوله ø: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ ...} الآية، فإنّ الأول يقتضي أن المباشرة في بعض أجزاء الليل غير جائزة إلى الفجر، وذلك قدر زمان الإغتسال، والثاني يدل على أنها جائزة إلى الفجر.