الباب السادس عشر وهو اخر أبواب الكتاب باب التعادل والترجيح
  وقال (الإمام) يحيى، (والقاضي) عبد الجبار، (والحاكم، والشيخ) الحسن: هما (سواء) لأنهما حكمان شرعيان ليس أحدهما ناقلاً والآخر مبقياً، وإذا كانا سواء لم يرجح أيهما على الآخر، وقد يمنع أن مقتضى العتق ليس مبقياً.
  (و) التاسع: أن يكون حكم أحدهما مثبتاً والآخر نافياً، فإنه يرجح (المثبت على النافي) كحديث بلال أنه ÷ دخل البيت وصلى، وقال أسامة: دخل ولم يُصل، وذلك لأن غفلة الإنسان عن الفعل كثيرة، فيحتمل أن يكون مبنى النافي على الغفلة؛ ولأن المثبت يفيد زيادة علمٍ؛ ولأن المثبت يفيد التأثير وهو إثبات مالم يكن ثابتاً، بخلاف النافي فإنه لا يفيد إلا التأكيد؛ لأن الأصل هو النفي.
  (وقيل: عكسه) أي يرجح النافي على المثبت وهو قول الآمدي، ذكره قطب الدين، قال: وتأخر النافي وإن لزم منه مخالفة المثبت ورفع حكمه، فتأخير المثبت يلزم منه مخالفة النافي ورفع حكمه، وترجيح تأخر المثبت لكونه رافعاً لما فائدته التأكيد، بخلاف تأخر النافي لكونه رافعاً لما فائدته التأثير، بأن يكون المثبت على تقدير تأخره، بما ثبت بدليلين الأصل والنافي، زكزن النافي واحداً ثبت بدليلٍ واحد وهو المثبت.
  وما يقال: من أنَّ المثبت يفيد حكماً شرعياً بخلاف النافي، والغالب من الشارع أنه لا يتولى بيان غير الشرعي، فمع أنه غير سديد - إذ المقصود من الحكم الشرعي الحكمة، لكونه وسيلة إليها، وحكمة النفي مقصودة كحكمة الإثبات - معارض بأن الغالب من الشارع التقرير لا التغيير.
  قال قطب الدين: وفي الكتب المشهورة تقديم النافي على المثبت إلا انهم عبَّروا عن النافي بالمقرر وعن المثبت بالناقل.
  قال (بعض الأصوليين و) بعض (الفقهاء: ويجوز مخالفة) الخبر (الحاظر و) الخبر (المبيح المعارضين لحكم العقل)، وإذا كان كذلك (فيكونان حكمان شرعيان معاً).
  وقال (أبو هاشم والقاضي) عبد الجبار (وابن أبان: و) إذا جاز مخالفتهما لحكم العقل فإنهما (يتساقطان حينئذ ويرجع إلى غيرهما من أدلة الشرع إن وجد) ذلك الغير، (وإلّا) يوجد (فإ) نه يرجع إ (لى حكم العقل المخالف لهما).
  وقال (الشافعي والكرخي): لا يتساقطان، (بل) يكون الخبر (الحاظر أرجح) من الخبر المبيح.
  وقال (أئمتنا وأبو الحسين: بل) لا يجوز مخالفتهما لحكم العقل؛ إذ عندهم أنه (يجب مطابقة أحدهما لحكم العقل، و) يكون (الناقل) عن حكم العقل حينئذ (أرجح كما تقدم) تحقيقه، ومثل