الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في طرق الترجيح باعتبار أمر خارج]

صفحة 650 - الجزء 2

  على الجماعة»، ومثاله قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى}⁣[البقرة: ١٧٨]، مع قوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}⁣[آل عمران: ٩٧].

  (و) الرابع: إذا تعارض عامان أحدهما أمس بالمقصود وأقرب إليه والآخر ليس كذلك، فإنه يقدم (العام الأمس بالمقصود) مثل قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}⁣[النساء: ٢٣]، (على غير الأمس) بالمقصود مثل قوله سبحانه: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ٦}⁣[المؤمنون: ٦]، لأن محل الخلاف هو الجمع بين الأختين بملك اليمين، وقد دل قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}⁣[النساء: ٢٣]، لعمومه على جزء منه، وقوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}⁣[المؤمنون: ٦] لعمومه على إباحته، إلا أنَّ الأول أمس بمسألة الجمع فيقدم.

  (و) الخامس: إذا تعارض خبران وعرف معنى أحدهما بتفسير الراوي فإنه يقدم (ما فسره الراوي):

  إمَّا: (بقوله) كقوله ÷: «لا يغلق الرهن بما فيه»، مع قوله ÷ للمرتهن بعد ما نفق - أي مات فرس الراهن - «ذهب حقك»، فإن الأول فسره راويه بأن معناه لا يصير الرهن مضموناً بالدين.

  (أو فعله) كما يروى عن ابن عمر أنه لما سمع قوله ÷ «البيعان بالخيار مالم يفترقا» كان بعد ما يبيع شيئاً مشى خُطىً يسيره لقطع خيار المجلس، (على مالم يفسر راويه) لأنه أعرف بما رواه فيكون ظن الحكم به أوثق، فلو فرض في مثال الفعل البيعان بالخيار مالم يتباعدا، وقيل: إن المراد به البعد الشديد والبون البعيد لرجح الأول لما ذكرناه.

  (و) السادس: إذا تعارض خبران وذكر علة أحدهما والآخر لم يذكر علته، فإنه يقدم (ما ذكرت علته على مالم تذكر) لأن ذكر العلة أقرب إلى المقصود بسبب سرعة الانقياد وسهولة القبول، ولدلاته على الحكم من جهة اللفظ ومن جهة العلَّة، وربما ترجح ما لا يدل على العلة من جهة أن المنفعة في قبوله أشد والثواب عليه أعظم، ومثاله حديث البخاري «من بدَّل دينه فاقتلوه» مع حديث الصحيحين أنه ÷ «نهى عن قتل النساء والصبيان»، فقد ارتبط الحكم في الأوَّل بوصف الردة المناسب ولا وصف في الثاني، فحملنا النساء فيه على الحربيات.