الباب السادس عشر وهو اخر أبواب الكتاب باب التعادل والترجيح
  مثاله: أن يقول الشافعي: ملك من يجوز صرف الزكاة إليه، فلو لم يملكه فلا يعتق عليه كابن العم فإن علته مطردة ولا تنعكس؛ لأنه لو ملك كافِراً أجنبياً لا يعتق عليه، فيقول الحنفي: ملك ذا رحم محرم منه فيعتق عليه كالولادة، فإن علته منعكسة غير مطردة لما عرفت أنه لا أحد ممن هو ليس ذا رحمٍ إذا ملكه عتق عليه.
  (و) الثاني عشر: إذا كانت إحدى العلل من الضروريات ومكملاتها والأخرى بخلافها، فإنها ترجح (الضروريات الخمس ومكملاتها على الحاجية والتحسينية) لزيادة المصلحة في الأوَّل؛ ولأن المكمل حكمه حكم المكمل، ولذلك يحرم شرب جرعة من الخمر كتحريم المسكر منها، ويحد بشرب جرعة منها كما يحد بشرب المسكر منها.
  مثالُ الضروريات الخمس: ضرورة الدين، صبي مسلم فلا يجوز أن تحتضنه الكافرة كما لو كان عاقلاً، فيقول الخصم: الأم ومن شاكلها أقدر على تربية الصغير، فكانت أولى من الأب كالمسلمة.
  ضرورة النفس: أن يقال في بيع الحاكم على المحتكر أخذ ماله كرهاً لدفع ضررٍ عام فيجوز كالإكراه في الشفعة، فيقول الخصم: تسلط على مال الغير كرهاً فلا يجوز كأخذ الدار المبيعة للجار غير الملاصق كرهاً.
  ضرورة النسل: أن يقال في صغيرة يجامع مثلها إذا طلقت ثلاثاً فولدت لستة أشهر مثلاً، معتدة يحتمل أنها كانت حاملاً منه، ولم يقر بانقضاء العدَّة فلا يثبت انقضاء عدتها، كما لو وضعت لأقل من ستة أشهر مثلاً، وكالكبيرة المعتدة بالأشهر إذا لم يقر، فيقول الخصم: معتدة أخبر الشرع بانقضاء عدتها بعد ثلاثة أشهر حكماً فصار كما لو أخبرت المعتدة بالإنقضاء ثُمَّ ولدت لستة مثلاً، وبالأولى لأن إخبار الشرع لا يحتمل بخلاف إخبار المعتدة.
  ضرورة العقل: شراب يستضر الشخص بشربه فيحرم كالخمر فنقول: الخمر مشروب طيب تخففه النار فيحل كسائر الأشربة.
  ضرورة المال: كما يقال في ضمان السارق تلف عنده مال كان يجب رده على صاحبه فيضمنه كما لو استهلكه، فيقول الخصم: تلف عنده مالم يبق مغصوباً لحق العبد، فلا يضمنه، كقشور الرمان ونحوها إذا ألقاها في الطريق فيأخذها إنسان فهلكت عنده.
  ومثال التكميلية: تكملة الدين: في الصَابية عابدة لغير الله فلا يجوز نكاحها كالمجوسية، مع قول الخصم معظمة لغير الله لا بطريق الإلهية فيجوز حينئذ نكاحها كالنصرانية.