(فصل): [الترجيح باعتبار الحكم]
(فصل): [الترجيح باعتبار الحكم]
  (وأمَّا) الثالث: وهو الترجيح (باعتبار حكمها: فقد يكون) الترجيح (في الأصل، و) قد يكون في (الفرع).
  (فالأول) وهو الذي يكون في الأصل يترجح:
  (بقوة دليله) فيقع الترجيح بينهما بحسب قوة الدليل الأقوى فالأقوى، وقوته تكون بما مر في ترجيح أحد المنقولين على الآخر، فإن حكم الأصل لا محالة يكون ثابتاً بالنصّ والإجماع.
  (أو بكونه لم ينسخ باتفاق) والآخر وإن لم ينسخ فقد اختلف في كونِه منسوخاً لكون الأول أبعد عن الخلل، مثاله قول الحنفي في إيلاج الدبر بغير إنزال إيلاج في أحد السبيلين بلا إنزال فلا يبطل به طهارة الغسل، كما إذا أولج في السبيل الآخر ولا ينزل، فيقول الشافعي: مظنة لخروج المني فيبطل به الغسل كالطهر الآخر كالنوم مضطجعاً إذا لم يخرج منه شيء، فإنَّ القياس الثاني أرجح؛ لأن حكم الأصل في الأوَّل مختلف في نسخه بخلاف الثاني.
  (أو بكونه على سنن القياس كذلك) أي والآخر مختلف في كونه عليه أو لا؛ إذ لو كان متحققاً أنه على غير سنن القياس لم يقع تعارض، فإذا كان كذلك فإنه يرجح؛ لأنه أبعد عن التعبد وأقرب إلى المعقول بخلاف الآخر الذي يظن بحكم الأصل فيه أنه معدول به عن سنن القياس، وحكم الأصل المعدول به عن سنن القياس قد تقدم.
  (ونحوها) أي هذه الأشياء (مما تقدم) تحقيقه، كأن يكون دليل أصل أحدها ثابتاً بنص والآخر بالقياس مثلاً شاملاً لحكم الفرع والآخر مختلف فيه.
  (والثاني) وهو الذي يكون في الفرع يكون ترجيحه بوجوه:
  الأوَّل: قوله (كترجيح المشارك في عين الحكم وعين العلة) على (الثلاثة) وذلك أن مشاركة الفرع الأصل، إما أن تكون: في عين الحكم وعين العلة، أو في عين الحكم وجنس العلة، أو في جنس الحكم وعين العلة، أو في جنس الحكم وجنس العلة، والقياس الأول أغلب على الظن من الثلاثة الباقية.
  فالأوَّل مع الثاني: قول الشافعي في الثيب الصغيرة ثيب فلا يولى عليها في النكاح كما لا يولى فيه على الثيب البالغة، مع قول الحنفي: عاجزة عن نكاح نفسها فيولى عليها في النكاح كما يولى فيه على المجنونة، فإن الأول مقدم؛ إذ العلة هي الثبوية متحدة فيه بالنوع بين الفرع