الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في العلاقة بين المدلول الحقيقي والمجازي]

صفحة 139 - الجزء 1

  بمجرد ملاحظة مفهومه بالإنحصار، والحصر هنا من انحصار الكلي في جزئياته؛ لأن العلاقة التي هي الكلي انحصرت (في ثلاثة وعشرين نوعاً):

  [١] (إطلاق) اسم (أحد المتشابهين على الآخر) باعتبار أن العلاقة المشابهة، فتكون استعارة، وأنت خبير بأن العلاقة المشابهة، وكذلك سائرها، فكلامه لا يخلو عن تسامح إذا عرفت ذلك فالتشابه:

  (إمَّا في شكل) وهوآلهيئة الحاصلة المقدار من حيث أنه يحاط بحد أو أكثر، ولا يخفى ظهوره في الشكل (كـ) إطلاق (الإنسان على الصورة) المنقوشة في الجدار.

  (أو في صفة) والمراد بها هاهنا الأمر القائم بالغير ما عدا الشكل (ظاهرة) الثبوت للمعنى الحقيقي، ولها به نوع اختصاص وشهره لتنقل الذهن من المعنى الحقيقي أعني الموصوف إلى الصفة لنفيهم المعنى الآخر، أعني المجازي باعتبار ثبوت الصفة له (كـ) إطلاق (الأسد على) الرجل (الشجاع) للإشتراك في صفة الشجاعة؛ إذ لها فيه ظهور ومزيد اختصاص، فحينئذ ينتقل الذهن منه إلى هذه الصفة، وإذا منع مانع من اعتبارها قائمة بالأسد وهو القرينة لاحظ ثبوتها لذاتٍ أخرى فحينئذ يفهم المقصود، (لا) إذا أطلق الأسد (على) الرجل (الأبخر) للمشابهة في صفة البخر فإنه لا يجوز (لخفائها) أي العلاقة فيها.

  نعم، قال سعد الدين: واعلم أن الصفة الظاهرة المشترك فيها أعم من المحسوس والمعقول كما في استعارة الورد للخد، واستعارة الأسد للشجاع، وحينئذ يندرج فيها الشكل، فلا يصح جعل الاشتراك في الشكل قسماً على حده.

  ويعتذر عما قاله بأنه أفرده قسماً برأسه؛ لأن الشكل من بين الصفات يختص بزيادة ظهور، فكأنه نوع آخر برأسه.

  [٢] (وتسمية الشيء باسم ما كان عليه) الشيء (كالعبد) إذا أطلق على المعتق.

  [٣] (و) تسميته (باسم ما يؤول إليه كالخمر) إذا أطلق على العصير، قال الله تعالى {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا}⁣[يوسف: ٣٦]، قال في الكشاف: والمعنى استخرج بالعصر خمراً أي عصيراً يؤول إليه.

  [٤] (وإطلاق اسم المحل على الحالِّ نحو: جرى الميزاب) والجاري إنما هو الماء، والأحسن التمثيل بنحو {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ ١٧}⁣[العلق: ١٧]، وإن كان من المجاز العقلي أعني في الإسناد، على أنه يظهر لي أن كل المثالين من مجاز النقصان أي جرى ماء الميزاب، وفليدع أهل نادي.