الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: في الفصل بين الحقيقة والمجاز

صفحة 146 - الجزء 1

  وأمَّا المختلف فيها: فقد أشار إليها بقوله (وفي معرفته) أي المجاز (بصحة نفيه) أي نفي معناه في نفس الأمر كقولهم للبليد ليس بحمار، فإنه يصح بخلاف الحقيقة؛ إذ عدم صحة النفي في نفس الأمر علامة لها، وزدنا في نفس الأمر تبعاً لعضد الدين ليندفع ما أنت بإنسان، لصحته لغة على صحة سبيل الجنس.

  (وجمعه على خلاف جمع الحقيقة) يعني إذا كان له معنى حقيقي كأمر، فإنه حقيقي في القول اتفاقاً، وقد جَمع على أوامر، وله معنى آخر متردد فيه، وقد جمع على خلاف هذا الجمع، وذلك (كأمور جمع أمرٍ للفعل، وامتناع أوامر) فإنه كما ترى ثبت في جمع الأمر الذي بمعنى الفعل خلاف جمع الأمر بمعنى القول الذي هو الحقيقة، فهل يعرف بهذا كونه مجازاً أولا.

  (وعدم الاشتقاق منه) يعني إذا كان له معنى حقيقي قطعاً، وقد أشتق من ذلك اللفظ باعتبار ذلك المعنى، ولم يشتق منه باعتبار معنى آخر متردد في كونه فيه حقيقة أو مجازاً، وذلك كأمر فإنه أشتق منه بمعنى القول الآمر والمأمورُ، ولم يشتق منه بمعنَى الفعل، فهل يعرف بهذا كونه مجازاً أو لا.

  (وعدم إيراده) أي المجاز (في مدلوله) بأن تستعمل لوجود معنى في محل، ولا يجوز استعماله في محلٍ آخر مع وجود ذلك المعنى فيه، كالنخلة فإنها تطلق على الإنسان لطولِه، ولا تطلق على الجبل مع طوله.

  (خلاف)، فقال بعضهم: إنها علامات يعرف بها المجاز.

  وقال الشيرازي: بالامتناع؛ لما يرد على كل من هذه، أمَّا معرفته بصحة النفي فهو معترض بلزوم الدورِ؛ إذ لا يعرف أنه يصح نفيه إلا إذا عرف أنه مجاز فيه، والمفروض أنه لا يعرف كونه مجازاً إلا بصحَّة نفيه، مثلاً لا يعرف صحة نفي الحمار عن البليد إلاَّ إذا عرف أنه فيه مجاز فينتفي عنه معناه الحقيقي فكيف يعرف كونه مجازاً فيه بصحة نفيه.

  وقد يجاب: بأن ما ذكرتم من لزوم الدور إنما يصح فيما إذا أطلق لفظ على معنى، ولم يعلم أنه حقيقة فيه أو مجازاً، أمَّا إذا علم للفظ المستعمل معنى حقيقي ومعنى مجازي، ولم يعلم أيهما المراد في هذا المقام لخفاء القرينَة فصحة نفي المعنى الحقيقي عن المحل الذي ورد فيه الكلام يدل على أن المراد هو المعنى المجازي، فيعلم بذلك أن اللفظ مجاز، وليس المراد بالمحل هو المعنى المجازي بأنَّا إذا لم نعرف المراد كيف يمكننا نفي المعنى الحقيقي عنه وإثباته له، مثلاً إذا قيل: طلع البدر علينا