الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل [في إرادة المعنى الحقيقي والمجازي معا]

صفحة 150 - الجزء 1

  (وأبي هاشم، وأبي عبد الله)، والقاضي أبي بكر الباقلاني، فإنهم منعوا ذلك نقلاً.

  والتحقيق: أنَّه فرع استعمال المشترك في معنييه، فإن اللفظ موضوع للمعنى المجازي بالنوع فهو بالنظر إلى المعنيين بمنزلة المشترك، فمن جوز ذلك جوز هذا، ومن لا فلا.

  احتج المانعون له لغة: بأنه لم يثبت ذلك في اللغة.

  قلنا: شهادة على نفي غير محصور فلا تسمع.

  احتج المانعون لذلك عقلاً: بأن المعنى الحقيقي متبوع والمجازي تابع، والتابع مرجوح بالنسبة إلى المتبوع، فلا يعتد به، ولا يدخل تحت الإرادة مع وجود الراجح.

  قلنا: لا نزاع في رجحان المتبوع إذا دار اللفظ بين المعنيين، وإنما الكلام فيما إذا قامت القرينة على إرادة التابع أيضاً، ولا خفاء في جواز إرادة التابع فقط بمعونة القرينة فضلاً من إرادته مع المتبوع.

  قالوا: إنَّ اللفظ الموضوع بمنزلة المحل فقط والشيء الواحد في حالة واحدة لا يكون مستقراً في محله ومتجاوزاً إياه.

  قلنا: إنه لا معنى لاستعمال اللفظ في المعنى إلا إرادته عند إطلاق اللفظ من غير تصور استقرار وحلول في المعنى الثاني.

  قالوا: إنه يلزم إرادة الموضوع له لمكان المعنى الحقيقي وعدم إرادته للعدول عنه إلى المجازي.

  قلنا: لا نسلم أن إرادة غير الموضوع له توجب العدول عن إرادة الموضوع، لم لا يجوز أن يراد المجموع ويكون كل واحدٍ منهما داخلاً تحت المراد.

  قالوا: إنَّ الحقيقي يوجب الاستغناء عن القرينة والمجازي يوجب الاحتياج إليها، وتنافي اللوازم يدل على تنافي الملزومات.

  قلنا: معنى الاستغناء في الحقيقة أن المعنى الحقيقي يفهم بلا قرينة، وهو لا ينافي نصب القرينة على إرادة المعنى المجازي أيضاً، وإن أريد أن المجاز يفتقر إلى قرينَة مانعة عن إرادة المعنى الموضوع له، فتنافى


= وكان داعيةً في السر للإمام إبراهيم بن عبدالله بن الحسن، وكتب إلى الإمام إبراهيم: إذا ظفرت بآل عيسى بن موسى فسر فيهم سيرة أبيك يوم صفين ولا تسر فيهم سيرة أبيك يوم الجمل، فظفر أبو جعفر بكتابه، فستره حتى انتهى من أمر الإمام إبراهيم، فبعث إلى أبي حنيفة فأشخصه وسقاه شربةً فمات منها، فهو شهيد في حب أهل البيت، توفي في رجب سنة (١٥٠) هـ.