الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في القرينة]

صفحة 154 - الجزء 1

  (فاللفظيَّة) هي: (اللفظ المستعمل لدفع الاحتمال في غيره) أي اللفظ المستعمل، (وتكون) القرينة اللفظيَّة: (متصلة بالعام وهي) أي المتصلة (غير المستقلة بنفسها كتخصيص عموم الكتاب أو) عموم (السنة بالاستثناء) نحو: اقتلوا المشركين إلا الذين عاهدتم، (أو الصفة) مثل قوله تعالى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}⁣[النساء: ٩٢]، (أو الشرط) مثل قوله تعالى {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}⁣[النساء: ١٠١]، (أو الغايَة) كقوله تعالى {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}⁣[البقرة: ١٨٧]، وكقوله تعالى {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}⁣[البقرة: ٢٢٢].

  قال القاضي عبد الله: فهذه تخصيصات لفظيَّة متصلة؛ لأن اللفظ معلوم والاتصال بأول الكلام ولولا التخصيص بهما لوجب إجراء الكلام على ما يقتضيه أوله، فكنا نقتل المشركين المعاهدين وغيرهم، ونعتق رقبة مؤمنة وكافرة، ونقصر مع الخوف وعدمه، ونصوم الليل مع النهار، ونتجنب النساء في الحيض والطهر.

  (ومنفصلة) عن العام (وهي المستقلة بنفسها) في الدلالة (كتخصيص عمومهما) أي الكتاب والسنة (بالمستقل منهما).

  مثال التخصيص المنفصل: من الكتاب: آيتا العدتين، قوله تعالى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}⁣[البقرة: ٢٣٤]، وقوله {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}⁣[الطلاق: ٤]، فالأخرى مخصصة للأولى.

  ومثالُه من السنة على ما ذكره القاضي عبد الله: تخصيص عموم قوله تعالى {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً}⁣[التوبة: ٣٦]، بما روي عن النبي ÷ أنه نهي عن قتل الشيخ الفاني والراهب والأجير.

  (و) تخصيص عمومهما (بالإجماعين اللفظيين) الصادرين عن الأمة أو العترة، لا السكوتيين فإنهما من باب القرينة المعنويَّة.

  (و) القسم الثاني من قسم القرينَة: هو (المعنويَّة) وهي (الموضحة لإبهام ما سبق) من عموم الكتاب والسنَّة، إذا كان ذلك الإيضاح (من غير لفظ) وإلا كانت لفظيَّة.

  والمعنوية أربع أضرب:

  الأولَّ: أن (تكون عقلية ضروريَّة: وهي المستندة إلى العقل بلا واسطة نظر نحو) قوله تعالى في وصف الريح العقيم {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ}⁣[الاحقاف: ٢٥]، أي مما أرسلت إليه فإنَّا نعلم ضرورة أنها